النفسي (العلاج-)
نفسي (علاج)
Clinical psychology - Psychologie clinique
النفسي (العلاج ـ)
العلاج النفسي clinical psychology or psychotherapy هو أحد فروع علم النفس التطبيقية الذي يعتمد إلى حد كبير على الإفادة من المعلومات والأساليب النفسية التي يمكن للمعالج النفسي الحصول عليها من جميع فروع علم النفس الأساسية والتطبيقية، بهدف زيادة كفاءة الخدمة النفسية التي تقدم للمرضى الذين يعانون اضطرابات نفسية متوسطة الشدة من أجل تشخيصها وعلاجها لإعادة التوافق النفسي والاجتماعي لدى المريض بصورة تساعده على الشعور بالرضا والسعادة في حياته اليومية.
ويعرِّف وولمَن Wallman العلاج النفسي بأنه استراتيجية أو سلسلة من الاستراتيجيات أو الأساليب العلاجية المدعم كل منها بأساس نظري. وتسعى هذه الاستراتيجيات إلى تحقيق تغيّر في سلوك المتعالج (المريض) الذي يعاني اضطراباً نفسياً أو في أفكاره أو مشاعره؛ وذلك بوساطة ما يقوم به من إجراءات، مثل: القياس النفسي، والمقابلات الفردية أو الجماعية بهدف الحصول على المعلومات الضرورية من المتعالج ومن له علاقة به لتشخيص الاضطراب الذي يشكو منه المتعالج، ثم وضع البرنامج العلاجي المناسب الذي يتم تطبيقه في جلسات علاجية. ويراوح الزمن المخصص للبرنامج بين 5 ـــ 15جلسة، وزمن الجلسة بحدود 45 دقيقة، وذلك حسب طبيعة الاضطراب الذي يشكو منه المتعالج. ومادة هذه الجلسات هي: الحوار والتفسير واستخدام الأساليب النفسية المساعدة كالاسترخاء العضلي أو التحصين التدريجي لإزالة حالة الخوف عن المتعالج بهدف التقليل من آثار الاضطراب عليه، ثم متابعة حالته بعد انتهاء البرنامج مع كتابة تقرير حول الاضطراب وطبيعته والبرنامج العلاجي المستخدم؛ إضافة إلى تقديم الإرشادات والتوجيهات الداعمة للمريض للمحافظة على ثبات التحسن الذي حصل لديه نتيجة للعلاج.
تاريخ العلاج النفسي وتطوره
بدأت المقدمات الأولى لعلم النفس العلاجي في أواخر القرن التاسع عشر وذلك مع ظهور الاهتمام بالدراسات النفسية الخاصة بالطفل. يذكر في هذا الصدد دراسات بروير Breuer ـ في ألمانياـ الذي نشر كتاباً بعنوان «عقل الطفل»، ركز فيه على الأفعال المنعكسة لدى الأطفال حديثي الولادة. وفي إنكلترا أسّس سَلي Sully الجمعية البريطانية لدراسات الطفل، وبدأ ينشر دراسات عرفت باسم «دراسات الطفولة».
أما في فرنسا فقد نشر بينيه Binet عام 1905 بحثاً في عمليات التفكير بعنوان «دراسة تجريبية في الذكاء» اعتمد في إجرائها على طفلتيه، إذ كان يطلب منهما حل عدد من المسائل، وفي أثناء قيامهن بالحل تقدمان تقريراً عن الخطوات العقلية التي تجتازها عملية التفكير لديهما. وفي أمريكا نشط الاهتمام بدراسة الأطفال من خلال بحوث التربويين، وعلى رأسهم ستانلي هول S.Hall. وفي هذا المناخ العلمي بدأ الاهتمام بالدراسة المنظمة لمظاهر سوء التوافق لدى الأطفال، وتأسست لهذا الغرض أول عيادة نفسية للأطفال في جامعة بنسلفانيا عام 1896 على يد لايتنر ويتمر L.Witmer لرعاية «الأطفال المشكلين»، وقد انصرفت العناية منذ البداية إلى الربط بين الدراسات الطبية والدراسات النفسية، وشيئاً فشيئاً بدأ الاهتمام بالجوانب النفسية والاجتماعية المترتبة على هذه المشكلات.
أما في البلاد العربية فلا يعرف إلا القليل عن الأمور النفسية في حياة المجتمعات العربية في عصر الجاهلية، حيث كانواـ وبحسب نظرتهم ـ يُرجعون الأمراض وأسبابها وعلاجها إلى فعل الآلهة والحب والشياطين كما كانت تفعل المجتمعات البدائية. أما في العصر الإسلامي فقد ازدهر هذا العلم على نحو ملحوظ على يد ابن سينا والسمرقندي وغيرهما من الأطباء، حيث انتشرت المصحات العقلية في ربوع الدولة الإسلامية كافة من بغداد إلى الأندلس.
طرائق العلاج النفسي
هناك العديد من طرائق العلاج النفسي، مثل العلاج المباشر وغير المباشر، والعلاج الديني والعلاج السلوكي والعلاج التحليلي، ولكن أهم هذه الطرائق:
ـ العلاج الفردي
العلاج الفردي هو عملية إرشاد مريض واحد وجهاً لوجه في كل جلسة، وتعتمد فاعليته أساساً على العلاقة الإرشادية بين المعالج والمريض. ويستخدم العلاج الفردي في الحالات التي يغلب عليها الطابع الفردي، ولاسيما الحالات الفردية كالانحرافات الجنسية والقلق النفسي والسلوك العدواني والاكتئاب والتي يصعب تناولها عن طريق الإرشاد الجماعي. وينبغي الإشارة هنا إلى أن العلاج النفسي بدأ بالممارسة عن طريق الحالات الفردية أو العلاج الفردي قبل أن يصير له أشكالٌ متعددة كالعلاج الجماعي والعلاج باللعب. ويمكن إجمال وظائف الإرشاد الفردي بما يأتي:
ـ تبادل المعلومات بين المعالج والمريض مع إثارة المشكلات التي تضايق المريض.
ـ تفسير المشكلات بصورة واضحة ومنطقية وفق وجهة نظر المريض.
ـ وضع البرامج العلاجية الضرورية لحل تلك المشكلات التي يعانيها المريض. وتتضمن إجراءات العلاج الفردي ما يأتي: المقابلة، وتشمل: ـ إقامة علاقة ودية تتسم بالثقة والتقبل والاحترام المتبادل. ـ مساعدة المريض على الكلام دون مقاطعة. ـ تسجيل المقابلة ودراستها. ـ الاستجابة لمشاعر المريض. ـ تحويل الحالات الصعبة إلى الجهات المختصة. ـ مساعدة المريض على استعمال المعلومات بهدف الاستفادة منها في حل مشكلته. ـ الإجابة عن أسئلة المريض.
وتعدّ المقابلة العلاجية الوسيلة الأساسية، وهي المحور الذي تدور حوله عملية العلاج كلّها. وهي تقوم على علاقة مباشرة بين المعالج والمريض. وتتصف بأنها اجتماعية مهنية، يتم فيها تفاعل اجتماعي هادف ذو نشاط محدد، يهدف إلى تعديل اتجاهات المسترشد أو مشاعره أو خبراته، ويتوقف نجاح المقابلة على مراعاة أخلاقيات العلاج ومؤهلات المعالج ومدى استفادته منها.
كما يستخدم المعالج النفسي في أثناء عملية العلاج الفردي كثيراً من الأساليب، منها:
ـ الاستبصار: ويقصد منه معرفة دوافع المريض والعوامل المؤثرة فيه، ويمثل المعالج في عملية الاستبصار المرآة التي يرى فيها المريض نفسه، ويتضمن الاستبصار أيضاً تقبل المريض لذاته، وإعادة تنظيمها، وفهم الواقع وتقبله والتوافق معه بطريقة بناءة.
ـ التداعي الحر: ويتم بوساطة مساعدة المعالج المريض على الإفصاح عن المخاوف أو الذكريات المؤلمة أو المخجلة بحرية تامة، أي يساعده على استرجاع المكبوتات اللاشعورية وهو في حالة استرخاء.
ـ التفسير: يقصد به إعطاء معنى للبيانات أو المعلومات التي عبّر عنها المريض بهدف توضيح الناقص منها، والتفسير على نحو عام يشمل جميع البيانات التي يقدمها المريض للمعالج في أثناء الجلسة العلاجية.
ـ العلاج الجماعي
العلاج الجماعي عملية تفاعل المعالج ومجموعة من المرضى الذين يعانون الاضطراب نفسه كالنشاط الزائد أو السلوك العدواني أو صعوبات في التعلم، حيث يحاولون في أثناء الجلسات العلاجية الجماعية بمساعدة المعالج التعبير عن أنفسهم وموقفهم بهدف تغيير اتجاهاتهم وسلوكهم وأفكارهم بطريقة سوية.
وقد ظهرت عبارة الإرشاد الجماعي أول مرّة على يد مورينو Moreno عندما استخدمها ليعبّر بها عن طريقة لإعادة تسكين الأفراد في جماعات جديدة وفقاً للتقسيم السوسيومتري الذي ابتدعه، وقال إنه يمكن تحسين الأحوال الاجتماعية تلقائياً نتيجة لتفاعلات بين أعضاء الجماعة. كما أن الإرشاد الجماعي أسلوب يجمع بين أسلوب توزيع الأدوار أو المهام وأسلوب الإرشاد التلقائي المباشر.
ـ طرائق العلاج النفسي
تبدو طرائق العلاج النفسي كالآتي:
ـ التعزيز الإيجابي: ويقصد به وقوع حدث سار نتيجةً لاستجابة ما أو سلوك يقوم به الفرد، ويترتب عليه زيادة هذا السلوك في المستقبل، ومثل ذلك تعزيز الطفل مادياً أو معنوياً كلما حصل على نتيجة جيدة في الامتحان. وهناك أيضاً التعزيز السلبي إذا أقدم الطفل على القيام بتصرف خاطئ فإنه يحصل على عقوبة.
ـ التسلسل :Chaining ويُعنى هذا الأسلوب بتجزئة السلوك المراد تعليمه للمريض بوساطة برنامج قائم على التقريب المتتابع، وكل خطوة يتقدم فيها المريض نحو الهدف المنشود تقدم له تعزيزاً، كتعليم الطفل ارتداء ملابسه.
ـ التحصين التدريجيsystematic desesitization: ويقصد به خفض السلوك غير المرغوب فيه عن طريق مواجهته بسلوك سار كالاسترخاء العضلي مثلاً، فالطفل الذي يخاف من القطط، نضع له القطة على مسافة بعيدة منه وفي أثناء ارتياحه للنظر إليها نقدم له تعزيزاً، ثم نقرب القطة منه خطوة خطوة حتى يتمكن من حملها دون خوف.
ـ الغمرflooding: تعتمد هذه الطريقة على تعريض الفرد الذي لديه قلق أو خوف للمثير الذي يُحدث له القلق على نحو مباشر وكامل. فالطفل الذي يخاف من السباحة يقوم المدرب بإنزاله إلى الماء مباشرة بدلاً من استخدام الأسلوب المتدرج معه.
رياض العاسمي
الموضوعات ذات الصلة: |
التعزيز في علم النفس ـ اللعب.
مراجع للاستزادة: |
ـ رياض العاسمي، مبادئ الإرشاد والعلاج النفسي (مطابع الإدارة السياسية، دمشق 2002).
ـ نعيم الرفاعي، العيادة النفسية (مطبعة الاتحاد، دمشق 1985).
ــ حامد زهران، التوجيه والإرشاد النفسي (القاهرة 1987).
ـ محمد محروس الشناوي، العملية الإرشادية (دار غريب، القاهرة 1992).
- التصنيف : تربية و علم نفس - النوع : صحة - المجلد : المجلد العشرون - رقم الصفحة ضمن المجلد : 777 مشاركة :