نظم التربية في الوطن العربي
نظم تربيه في وطن عربي
Education systems in Arab World - Systèmes de l’éducation dans le Monde arabe
نظم التربية في الوطن العربي
تعكس النظم التربوية educational systems، طبيعة النظم السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية في الدول المختلفة، ومن ثمّ فهي مكوّن رئيس من مكونات هذه النظم. والنظام التربوي هو الآلية التي يتم من خلالها إدارة العمليات التربوية والتعليمية في مؤسسات المجتمع المختلفة؛ وفقاً لرؤية فلسفية سياسية اجتماعية عقائدية معينة، يؤمن بها المجتمع ويتبناها في حياته العامة.
يتألف النظام التربوي في مختلف بلدان العالم من جميع مقومات العملية التربوية التعليمية، بدءاً من الفلسفة العامة للدولة والمجتمع وانتهاء بغرفة الصف الدراسي، مروراً بالسياسة التربوية والأهداف التربوية والإدارة التربوية وعملية إعداد المدرسين والامتحانات والمناهج وطرائق التدريس وسواها. وغالباً ما يُوصّف النظام التربوي من خلال طبيعة الإدارة التربوية فيه، سواء أكانت مركزية أم لامركزية.
مكونات النظم التربوية في الوطن العربي:
إن طبيعة النظم التربوية في الوطن العربي مركزية، بل شديدة المركزية، لسيطرة الدولة على جميع مقومات العملية التربوية- التعليمية من إنفاق وإدارة وإشراف ومناهج ورسم سياسات وبناء أهداف واستراتيجيات تعليمية ومنح الشهادات العلمية وإعداد المدرسين.
وتقسم مكونات النظم التربوية العربية من حيث المبدأ إلى قسمين رئيسين هما:
أولاً ـ مكونات البنية الفوقية، وتشتمل على:
أ ـ الفلسفة التربوية:
تشتق التربية فلسفتها من الفلسفة العامة للدولة والمجتمع، وهي تعني تطبيق النظرية الفلسفية على التربية، وتعني كذلك النظرة النقدية التحليلية الشاملة للواقع التربوي في علاقته بالواقع الاجتماعي العام، وفي تحركه نحو المستقبل من أجل توضيح السبل التي ينبغي أن يسير فيها الاستشراف المنهجي للمستقبل التربوي في علاقته بمستقبل المجتمع بوجه عام.
ب ـ الأهداف التربوية:
تتسم الأهداف التربوية بأهمية قصوى، لأنها تعدّ الإطار المرجعي في عملية تقويم العملية التربوية، وكثيراً ما تُعرَّف الأهداف التربوية بأنها الغايات أو الأهداف أو المرامي التي تهدف إليها التربية، أو تسعى إلى الوصول إليها، وغالباً ما تشتق الأهداف التربوية من الفلسفة التربوية للمجتمع.
ج ـ السياسة التربوية: تأتي السياسة التربوية في قمة النظم التربوية الرئيسة، وتصاغ من قبل الجهات صاحبة القرار المسؤولة عن التربية، ومن هنا كانت السياسة التربوية تعبيراً عن الاختيارات السياسية للدولة. وأهم ما تسعى إليه السياسة التربوية هو:
ـ التأكد من أن الأهداف التربوية تتماشى مع الأهداف الأخرى العامة للدولة.
ـ تحقيق الانسجام بين الأهداف التربوية والأهداف الأخرى المحددة في القطاعات الأخرى من المجتمع.
وينبغي أن تنطلق السياسة التربوية السليمة من خلال فلسفة تربوية تمّ وضعها على أسس صحيحة استناداً إلى الفلسفة الاجتماعية العامة.
د ـ الاستراتيجية التربوية: تهدف إلى صوغ الخيارات السياسية في مجموعة من الإجراءات؛ لتحديد ما ينبغي عمله تبعاً للحالات التي قد تعرض في المستقبل ولشتى الاحتمالات الممكنة.
هـ ـ الخطة التربوية:
هي التي تترجم السياسة التربوية والاستراتيجية التربوية (وما وراءها من فلسفة تربوية واجتماعية) إلى خطوات عملية في مرحلة متوسطة المدى غالباً.
ثانياً ـ مكونات البنية التحتية، ويشتمل أهمها على:
أ ـ المناهج التربوية: تُعدّ المناهج التربوية مرآة النظام التربوي، وهي مجموعة الخبرات التربوية والثقافية والاجتماعية والرياضية والفنية التي تهيؤها المدرسة لتلاميذها داخل المدرسة وخارجها؛ بقصد تحقيق نموهم الشامل في جميع النواحي وتعديل نشاطهم طبقاً للأهداف التربوية المطلوبة إلى أفضل ما تستطيعه قدراتهم.
ب ـ طرائق التدريس وتقنيات التعليم:
تكمن أهمية طرائق التدريس وتقنيات التعليم في كيفية معالجة محتوى المادة التعليمية بصورة تساعد التلاميذ على الوصول إلى الأهداف التعليمية المراد تحقيقها في دراسة مادة من المواد.
والطريقة هي الوسيلة التي بها تتحقق الأهداف المحددة للمنهج عن طريق محتوى المادة التعليمية، وتختلف الطريقة من منهج إلى آخر وفقاً لأسلوب تنظيمه والفكر الذي يدعمه، كما تختلف أيضاً باختلاف مستوى المادة الدراسية.
ج ـ الأنشطة المدرسية: يمثل النشاط المدرسي عنصراً أساسياً من عناصر المنهاج المدرسي، ويقصد به ذلك الجهد العقلي والبدني الذي يبذله المتعلم في أنشطة مدرسية صفِّية ولا صفِّية تدعم المناهج وتكملها.
د ـ التقويم والامتحانات: لقياس التحصيل المدرسي والتأكد من مدى تحقيق الأهداف التعليمية.
هـ ـ الإدارة التربوية: هي العملية التي يُدار بها النظام التعليمي في مجتمع ما، وفقاً لأيديولوجيته السياسية وظروفه الاقتصادية والاجتماعية.
وقد اعتمدت الإدارات التربوية العربية الأسس الآتية:
ـ إشراف الدولة الكامل والمباشر على التعليم وقيامها بتمويله.
ـ إقرار مبدأ حرية التعليم في شروط يحددها القانون.
ـ مركزية الإدارة التي تجعل وزارات التربية والتعليم مسؤولة عن تحقيق الأهداف التربوية.
ـ وحدة المناهج.
ـ اعتماد النظام الإداري المركزي وإن كانت بعض الدول العربية تعمل على التوفيق بين المركزية واللامركزية في إدارتها لأنظمتها التعليمية.
وتأخذ أغلب الدول العربية بمبدأين أساسيين في إدارتها لنظمها التربوية:
الأول: التخطيط التعليمي: الذي يتفق مع مطالب التوسع الكمي والنوعي في التعليم. واستحدثت تبعاً لذلك إدارات التخطيط التربوي والتعليمي، وإدارات المتابعة الميدانية والتوجيه الفني.
الثاني: اللامركزية: نتيجة لتكاليف التربية والأعباء الاقتصادية الكبيرة على وزارات التربية العربية وزيادة الطلب الاجتماعي على التعليم، ولأن الإدارات التعليمية بصورتها المركزية القائمة في الدول العربية لا تستطيع أن تتحمل عبء هذا التوسع التعليمي الهائل؛ فإنها تضطر إلى منح السلطات أو الهيئات التعليمية المحلية والخاصة مزيداً من المسؤوليات والسلطات.
هذا الاتجاه نحو اللامركزية الإدارية غدا أكثر وضوحاً في مستويات التعليم الأولي (الأساسي) والعالي خاصة.
السلم التعليمي في الدول العربية:
يُقصد بالسلم التعليمي educational ladder، توزيع عدد سنوات الدراسة في النظام التربوي على مراحل تعليمية مختلفة، ويعبّر عنه أحياناً بالمراحل التعليمية التي تشتمل في الدول العربية على:
أولاً: مرحلة رياض الأطفال
أخذت مرحلة رياض الأطفال Kindergarten تحتل مكانة مرموقة ضمن الأولويات التربوية لدى مختلف الدول العربية؛ إيماناً منها بدور هذه المرحلة في عملية صقل مواهب الأطفال وإعدادهم إعداداً تربوياًـ جسمياً وعقلياً وفكرياً ونفسياً- للمرحلة الابتدائية أولاً وللمراحل التعليمية الأخرى ثانياً.
وعلى الرغم من التطور النسبي في أعداد رياض الأطفال في الدول العربية - في السنوات الماضية فإن غالبية أطفال الفئة العمرية (3-5 سنوات) في عام 2002 موجودة خارج رياض الأطفال، ولا تستوعب رياض الأطفال في بعض الدول العربية إلا نسبة قليلة ومتفاوته، فهي نحو 10% في سورية، و34% في البحرين، و12% في مصر، ونحو 90% في لبنان، و29% في الأردن، و72% في الكويت، و5%في السعودية، و53% في الإمارات، و27% في فلسطين.
وتختلف مدة هذه المرحلة من بلد عربي إلى آخر، فهي ثلاث سنوات في عمر السنة الثالثة في كل من: البحرين، لبنان، اليمن، تونس، سورية، وفي عمر الأربع سنوات في باقي الدول العربية. وفي كل الدول العربية لا تعدّ هذه المرحلة إلزامية، ولا تدخل ضمن السلم التعليمي.
ثانياً ـ مرحلة التعليم الأساسي:
تضم مرحلة التعليم الأساسي fundamental education في معظم الدول العربية مرحلة التعليم الابتدائي (مدة الدراسة فيها نحو ست سنوات)، ومرحلة التعليم المتوسط أو الإعدادي (مدة الدراسة فيها نحو ثلاث سنوات)، وتبدأ الدراسة في هذه المرحلة في عمر ست سنوات.
ثالثاً ـ المرحلة الثانوية:
|
تأتي مرحلة التعليم الثانوي secondary education، بعد مرحلة التعليم الأساسي، ومدة الدارسة في هذه المرحلة تراوح ما بين ثلاث إلى أربع سنوات في معظم الدول العربية. وهناك أنواع مختلفة من التعليم الثانوي (العام، التجاري، النسوي، الصناعي، المهني، الزراعي). تُمنح في نهاية هذه المرحلة شهادة الدراسة الثانوية بحسب التخصص بعد امتحان عام مركزي.
والجدول (1) يبين نسب التسجيل الصافي في بعض الدول العربية عام 2002.
على الرغم من أن هذه النسب متغيرة لكنها تعكس واقع التعليم الثانوي في الوطن العربي، وتشير بوضوح إلى ضعف الكفاية الداخلية للنظم التربوية العربية، فهي تراوح مابين 80% إلى 20%، كما هو مبين في الجدول السابق. ومن اللافت أن نسبة الإناث أعلى من نسبة الذكور في كثير من الدول العربية، مما يشير إلى معطيات اقتصادية اجتماعية ثقافية بالدرجة الأولى.
رابعاً ـ التعليم العالي:
يقصد بالتعليم العالي higher education تلك المرحلة من التعليم التي تلي مباشرة المرحلة الثانوية في سلم التعليم.
ويقسم التعليم العالي من حيث المبدأ إلى قسمين رئيسين هما:
أ ـ المرحلة الجامعية الأولى: (الإجازة = البكالوريوس = الليسانس) مدة الدراسة فيها بين 4ـ6 سنوات.
ب ـ مرحلة الدراسات العليا: مدة الدراسة فيها تراوح بين سنة واحدة لدبلوم الدراسات العليا، وسنة إلى سنتين للماجستير، وثلاث سنوات للدكتوراه في معظم الجامعات والمعاهد العليا العربية.
تختلف نسب التسجيل في هذه المرحلة بين دولة عربية وأخرى لجملة من العوامل السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، إلا أن هذه النسب في تزايد مستمر، ولاسيما في ظل افتتاح أنواع من التعليم العالي كالموازي والمفتوح والخاص والافتراضي.
عيسى علي
الموضوعات ذات الصلة: |
الاجتماع التربوي (علم ـ) ـ التربية ما قبل المدرسية ـ التعليم الأساسي والإلزامي ـ المدرسية (الأنشطة ـ) ـ المنهاج الدراسي.
مراجع للاستزادة: |
ـ محمد منير مرسي، المرجع في التربية المقارنة (عالم الكتب، القاهرة 1994).
ـ عبد الله عبد الدائم، نحو فلسفة تربوية عربية - الفلسفة والمستقبل في الوطن العربي (مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت 1991).
ـ عيسى علي، النظم التربوية (منشورات جامعة دمشق، 2003).
ـ تقرير التنمية البشرية (منشورات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، نيويورك 2004).
- التصنيف : تربية و علم نفس - المجلد : المجلد العشرون - رقم الصفحة ضمن المجلد : 736 مشاركة :