نفس
Soul - Ame

النفس

 

النفس soul هي مبدأ الحياة والفكر معاً وهي حقيقة متميزة عن البدن، وإن كانت متصلة به. وهي مبدأ الأخلاق، والنفس اصطلاحاً مرادفة للروح ومقابلة للمادة. وللنفس تعريفات مختلفة، ففي علم النفس هي نتاج التفاعل مع موضوع، وتتكون من جملة من الإحساسات والإدراكات والأفكار والمشاعر والعواطف، وهي ما يكِّون جوهر الإنسان من الناحية النفسية، وتتميز بالوعي والنفس الإنسانية هي النفس الناطقة.

والنفس في الدين: هي قوة لا مادية، غير متعينة خالدة، يمكن أن توجد بمعزل عن الجسد في عالم آخر، وعليها تعود تبعات أفعال الإنسان من خير أو شر، لكونها العامل المحرك والمسيطر على البدن. يقول الله تعالى: ]يَاأيَّتُها النَّفْسُ المُطْمئَّنةُ ` ارجِعِي إلى رَبّكِ راضيةً مَّرضيّة ` فادْخُلي في عَبادي ` وادْخُلي جَنتَّي[ (الفجر27 ـ30)، ويقول تعالى: ]ويسأَلوُنَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أمْرِ رَبّي[.(الإسراء85)

أما في الفلسفة فقد اختلف مفهوم النفس باختلاف المذاهب الفلسفية وباختلاف الفلاسفة أنفسهم، فمن الفلاسفة من نظر إلى النفس على أنها مادية من طبيعة الجسد، ومنهم من جعلها من طبيعة مغايرة للجسد ويمكن أن توجد بمعزل عنه، ومنهم من قال بـ ثنائية الجسد والنفس فجعل كلاً منهما جوهراً قائماً بذاته. وللنفس اعتبارات ثلاثة وأسماء بحسبها، فإنها من حيث هي مبدأ الأفعال قوة، وبالقياس إلى المادة التي تحملها صورة، وبالقياس إلى طبيعة الجنس التي بها تتحصل وتتكمل كمال، وتعريف النفس بالكمال أولى من الصورة ومن القوة. والنفس على أقسام، هي الفلكية والنباتية والحيوانية والإنسانية.

وقد عرَّف أفلاطون[ر] Plato النفس: بأنها جوهر بسيط محرك للبدن، وهي نوعان: النفس الإنسانية والنفس الكلية

وقال بخلود النفس لثلاثة أسباب، أولاً إيمانه بالتناسخ، فالنفس لا تموت بموت الجسد وإنما تنتقل من جسد إلى آخر، وثانياً أن النفس تعقل عالم المثل الذي أتت منه وبما أن المثل بسيطة فالنفس يجب أن تكون من طبيعتها فالشبيه يدرك الشبيه، والبسيط لا ينحل ولا يفسد فالنفس خالدة، وثالثاً أن المعرفة تذكر، فالنفس عندما ترى الموجودات تتذكر صورها في عالم المثل، لذا لا بد أن تكون النفس قد وجدت في مكان ما تأملت فيه الصور وهذا يعني أنها خالدة.

أما أرسطو[ر] فقد عرَّف النفس بأنها كمال أول لجسم طبيعي آلي ذي حياة بالقوة، فالنفس فعل بالنسبة إلى مادة الجسم، وهي أيضاً ما به نحس وننتقل من المكان ونعقل أولاً. وميّز بين قوى مختلفة للنفس، هي: الغاذية والنزوعية والحساسة والمحركة والمفكرة، ورأى أن بعض الكائنات الحية يحوي قوة واحدة منها، وبعضها الأخر يحوي أكثر من قوة أو القوى جميعها، لهذا أقرَّ بوجود ثلاثة أنواع للنفس وهي:

ـ النفس النباتية: وهي مشتركة بين الأجسام الحية، النبات والحيوان والإنسان.

ـ النفس الحيوانية: يسميها أرسطو بالنفس الحاسة وتوجد في الحيوان.

ـ النفس الناطقة: توجد في الإنسان وتتميز بالعقل.

وتؤلف هذه النفوس الثلاث عند أرسطو وحدة متكاملة لكل منها وظيفة خاصة تقوم بها بحيث تكون الوظيفة الأدنى مادة للوظيفة الأعلى.

ويرى أرسطو خلافاً لأفلاطون أن النفس لا تنفصل البتة عن الجسد، فإذا مات الجسد فنيت النفس فلا خلود للنفس عنده، لكنه أعطى النفس الأولوية في مرتبة الوجود، فالنفس كمال الجسد وغايته والعلة المحركة له.

والنفس عند أفلوطين[ر]Plotinus : هي الأقنوم الثالث في العالم المعقول، وقد فاضت عن العقل الكلي، وعنها يصدر العالم المحسوس، فهي حلقة الوصل بين الواحد المطلق (الله) والعالم، وتقسم إلى نوعين، النفس العليا والنفس الدنيا، الأولى أقرب إلى العالم المعقول والثانية أقرب إلى العالم المحسوس، والنفس الدنيا وحدها القادرة على إيجاد الموجودات الحسية وهي التي تمنح الموجودات صورتها. وعن النفس الكلية تفيض النفوس الجزئية من دون أن يحدث فيها انقسام، والنفس الإنسانية هي التي تصنع الجسم وتعطيه الصورة، فهي علة الوحدة، وفيها قوى عدة؛ قوى الاستدلال والاشتهاء والإدراك، ومهمة النفس الإنسانية أن تتأمل الموجود الأول لكي تعود إلى المصدر الذي صدرت عنه، وهذا لا يتم عند أفلوطين بحدس عقلي وإنما بنوع من الاتصال وفقدان الشعور في اللاشعور الإلهي.

والنفس عند ديكارت [ر]، هي جوهر مفكر متمايز عن الجسد (المادة)[ر: الثنائية] وكلاهما من خلق الله، فالنفس تسكن الجسد وتتصل به وتتأثر بكل العواطف والهيجانات ذات العلاقة بالحاجات الجسدية ولكن يمكن للنفس أن تنفصل عن الغرائز الدنيئة وأن تتحرر من العواطف المختلفة كالرغبة والكراهية والعمل باستقلالية عن الجسد.

وللنفس عند ليبنتز [ر] معنيان أحدهما عام والآخر خاص، الأول يُطلق على كل ماله إدراك واشتهاء، أي على جميع الجواهر البسيطة (أو المونادات) المختلفة، والثاني يُطلق على المونادات التي لها إدراك واضح تصحبه الذاكرة.

والنفس في اصطلاح فلاسفة الصوفية خمسة أنواع: حيوانية وأمّارة وملهمة ولوّامة ومطمئنة، وكلها أسماء الروح، وهي حيوانية باعتبار تدبيرها للبدن، وأمّارة باعتبار ما يأتيها من المقتضيات الطبيعية بمنزلة الأمر للانهماك في اللذات الحيوانية، والملهمة لاعتبار مايلهمها الله من الخير، واللواّمة لاعتبار أخذها في الرجوع والإقلاع فكأنها تلوم نفسها، والمطمئنة لاعتبار سكونها إلى الحق، فإذا ظهرت على جسدها الآثار الروحية كعلم الغيب فاسمها الروح.

عبير الأطرش

 الموضوعات ذات الصلة:

 

الثنائية (الثنوية) ـ الخلود.

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ ماجد فخري، تاريخ الفلسفة اليونانية من طاليس إلى أفلوطين (دار العلم للملايين، بيروت1991).

ـ جميل صليبا، من أفلاطون إلى ابن سينا (دار الأندلس، بيروت 1983).


- التصنيف : الفلسفة و علم الاجتماع و العقائد - المجلد : المجلد العشرون - رقم الصفحة ضمن المجلد : 769 مشاركة :

متنوع

بحث ضمن الموسوعة