نروج (تاريخيا وجغرافيا)
Norway - Norvège

النروج

 

تعدّ النروج Nerway إحدى الدول الاسكندناڤية Scandinavia التي تضم أيضاً السويد Sweden والدنمارك Denmark. ويحدد موقعها في الحافة الشمالية الغربيـة للقارة الأوربية، حيث تمتد أراضيها بقاعدة عريضة في الجنوب متجهة بشــكل متطاول ضيق ومائل نحو الشمال الشرقي، بين خطي عرض 58 ْ ـ 71 ْ شمال خط الاستواء، حيث النهاية الشـمالية لليابسـة الأوربيـة. أما امتدادها بالنسـبة إلى خطوط الطول فهو بين خطي 5 ْ ـ31 ْ شرق غرينتش. وتشرف من الغرب على المحيط الأطلسي؛ وفي الجنوب على مضيق سكاغيراك Skagerrak الذي يفصلها عن دولة الدنمارك بمسافة تقرب من120كم وفي الشرق تساير حدودها الطويلة مع السويد سلسلة سكاندِز الجبلية Scandes، يجاورها في الشمال الشرقي دولتا فنلندا Finland وروسيا الاتحادية Russian Federation بينما تطل حدودها الشمالية على المحيط المتجمد الشمالي.

لمحة تاريخية

سـكنت قبائل الڤايكينغ أراضي النروج منذ القرن الثاني قبل الميلاد. وفي عام 872م تمكن الملك هَرالد شــونهارس Harald Schonhaars مـن التغلب على ملوك القبائل وتوحـيد البلاد، ولم يسـتمر ذلك أكثر من قرن ونصف حتى انهارت هـذه الوحدة، ثم أعيد توحيدها بعد دخول الدين المسيحي إليها في القرن الرابع عشر الميلادي. وبعد خضوعها لنفوذ التاج الدنماركي أعلن عن اســتقلالها في 14/5/1814م إثر نزل الدنمارك عن النروج للسـويد بعد خسارتها في الحروب النابليونية. إثر ذلك غزت السويد النروج، وأعلن ملك السويد ملكاً للنروج، ومع حدوث نزاعات سياسية صوت النروجيون عام 1905م بأغلبية ساحقة من أجل حل الاتحاد مع السـويد، وأئناء الحرب العالمية الأولى بقيت النروج محايدة، وانضمت بعد انتهاء الحرب عام 1920م إلى عصبة الأمم، وتغير اسم العاصمة كريسـتيانيا Christiania إلى أوسـلو عام 1925م، واسـتولت ألمانيا على النروج عام 1940م في الحرب العالمية الثانية. وبعد انتهاء الحرب تم تشكيل حكومة مستقلة عن ألمانيا عام 1945م.

نظام الحكم في النروج ملكي دسـتوري يحكمه ملك أو ملكـة ضمن ســلطة محدودة، ويعدّ رئيس الوزراء هو الرئيس الفعلي للحكومة، وتنقسـم الســلطة إلى جـزء تنفيذي (الحكومة) وجزء تشريعي (المجلس الوطني). ويطبق النظام البرلماني فـي البلاد منـذ عام 1884م، ولم يعد للقصر الذي كان يمارس ضغوطات بوساطة بعـض القوانين أيّ دور تنفيذي. ويبلغ عدد أعضاء البـرلمان 165 عـضواً يتـم انتخابهـم كل أربعة أعوام، وأهم الأحزاب: المحافظون Hoyre وحزب الليـبرالييـن - الــديمقـراطييـن Venstre وحـزب العـمـال Arbeiderpartiet؛ إضافة إلى حزب الشـــعب المســيحي Kristelig Folkeparti.

تعدّ النروج أحد الأعضاء المؤسسين لحلف شمال الأطلسي الناتو Nato منذ عام 1949م، كما دخلت في منظمـة التجارة الحرة الأوربيـة EFTA عام1960م، وقـد جرى استفتاء عام 1972 وعام 1994م رفض به الشـعب النروجي الانضمام إلى الاتحاد الأوربي.

تبلغ مســاحة النروج 324 ألف كم2، وتتبعها جزيرة يان ماين Jan Mayenفي الشمال الغربي، وجزيرة بجورنويا Bjornoyaوأرخبيل ســفالبارد Svalbard عند خطي عرض 75 ـ80 ْ شـمال خط الاستواء، وتقارب مســاحة هذه الجزر 62 ألف كم2 بحيث تصبح المساحة الكلية للنرويج 386 ألف كم2. ويشكل أقصى امتداد لأراضيها بين رأس الشمال ومدينة ليندسنس Lindesnes في الجنوب مسافة 1750كم تتسع من الشرق إلى الغرب من بضعة كيلو مترات في الشـــمال إلى 430كم أقصى الجنوب عند خط عرض 60 شمالاً، ويبلغ طول ساحل النروج 2650كم، ويتصف بكثرة تعاريجه وتقاطيعه بحيث يصل طوله إلى 20 ألف كم مع هذه التعاريج.

الجغرافيا الطبيعية

قمة جبل غالدهوبينغ

تتباين مظاهـر السطح في النروج نتيجة تعرض أراضيها للحت النهري والجليدي بـدرجات متفاوتة، ويسود المظهر الهضبي هذه الأراضي متمثلاً في هضبـة جـبلية مرتفعـة، تمتد في معظم أراضي النروج؛ وتعرف باسم ڤيدّا Vidda، ويصل أعلى ارتفاع لها في الهضبة الداخليـة الجنوبيـة إلى 5472م عند جبال غِلترتيند Glittertind، وترتفع في جبال غالدهوپيغ Galdhopigg إلى 2469م. أما السهول فهي ذات مساحة صغيرة على طول السـاحل الجنوبي، والأراضي المحيطة بفيورد تروندهايم Trondheim Fjordالتي تعد من أفضل الأراضي الزراعية في النروج، يقابلها مساحات زراعية في المناطق الجبلية تعادل ربع مساحة الأراضي القابلة للزراعة.

ويظهر عمل الجليد واضحاً في الفيوردات (الأوديـة الغارقـة Fjord) والبحيرات المنتشرة في كثير مـن الأراضي النروجيـة، ويشــكل الرصيف البحري عنصراً مهماً في بنيتها؛ والذي يتكون من سهول مموجة ومنبسطة، في حين يميز النطاق الساحلي المساحات الضحلة: رصيف بحري غارق ومتصل بالجزر وأشـباه الجزر، كما يعدّ الرصيف البحري بمساحته الضيقة أكثر أجزاء الساحل ملاءمة لإقامة السكان.

فيورد جيرنجر Geiranger

يتميز مناخ النروج بكونه يقســم البلاد إلى قسمين: أحدهما غربي صغير المسـاحة يتميّز بصفات مناخية بحرية مناسـبة ومحتملة من قبل الإنسان، والآخر شرقي يتصف بالتطرف المناخي القاري البارد الذي يصعب احتماله والعيش في مناطقه. ويؤدي موقع النروج الممتد شمال الدائرة القطبية إلى زيادة طول النهار في فصل الصيف بحيث يقارب 19 ساعة في بيرغن Bergen، ويقصر شـتاءً إلى 5 ساعات تقريباً. نتيجة مرور التيارات المائية الدافئة على السـواحل فإن الشـتاء يكون دافئاً نسبياً فيها، وتبقى خالية من الجليد طوال السـنة. ومتوســط حرارة كانون الثاني/يناير في بيرغن فوق درجة التجمد، وتنتشر هـذه الظاهرة على شـريط سـاحلي ضيق، في حين تنخفض الحرارة بشـدة عند الابتعاد عن التأثير البحري؛ متوسط كانون الثاني/يناير في بيرغن 2 ْم. أما الأمطار فإن هطلها يستمر طوال العام، وتزيد كميتها شهرياً على40مم، بحيث تبلغ نسبتها العظمى خلال نصف السنة الشتوي، ويكون التهطال فيها ثلجياً، وتتناقص كمية التهطال باتجاه الشمال لبرودة الهواء وانخفاض الرطوبـة، وتعادل في بيرغـن 2000مم، وفي ترومسو Tromsoت1000مم، ويحدث تراكم للثلوج لتشـكل حقول ثلج دائمة هي الكبرى في أوربا.

منظر طبيعي من النروج قرب الدائرة القطبية

تحوي النروج عدداً من النطاقات النباتية بسبب تـأثير الظروف المناخيـة المتغيرة، ويتضح اختلاف الحياة النباتية من اتساع توزع الغابات الصنوبرية في الجانب الشـرقي، يقابله نطاق جبلي قاحل تغطي بعض أجزائه كتل جليدية، وتنتشر الحشائش الخشـنة والغابات النفضية في الأراضي الساحلية. وتقسم النروج إلى خمسة أقاليم طبيعية، هي:

ـ الإقليم الشرقي Ostlandet الذي يتميز بمرتفعات متجانسة تغطيها الغابات، ومساحات جميع للمياه تنصرف إلى فيورد أوسلو Oslo Fjord.

ـ الإقليم الغربي Vestlandet ومـركزه بيرغن، وهو شـديد الوعورة، قطعته الأودية الصغيرة التي تنصرف إلى الفيوردات الكبيرة.

ـ الإقليم الجنوبي Sorlandet أراضيه متوسطة الارتفاع تغطيها الغابات، وتجري بها أنهار عدة.

ـ إقليم ترونديلاغ Trondelag، ويشــتمل على منطقـة داخلية تحيط بالفيورد، وخارجيـة تمتد على الساحل.

ـ إقليم شمال النروج Nord-Norge، ويمتد خلف الدائرة القطبيـة، ويتميز بصيف قصير نهاره طويل، وشـتاء معتم بـارد وطويل، يتعرض لكثير من العواصف الثلجية القارصة البرودة، مما يجعل منه وحـدة طبيعيـة متميزة.

الجغرافيا البشرية

نهر سفارتيسن Svartisen الجليدي

 وهو ثاني أكبر الأنهار الجليدية في النروج

بلغ عـدد سـكان النروج نحو 4.593 مليون نسمة حسب إحصائيات عام 2005م، ومعدل الزيـادة الطبيعية منخفض لايزيد على 8 في الألف، وتبلغ الكثافـة السـكانية فيها 14ن/كم2 إلا أن هذه الكثافة لا تعطي صورة واضحة عن تركز النشاط البشـري في البلاد؛ لأن توزع السكان يرتبط بالظروف الطبيعية، ويتمركز ثلاثة أرباع السـكان في المدن ضمن شريط ســاحلي لا يزيد عرضه باتجاه الداخل على 15كم؛ لاعتمادهم على نحو رئيس على النقل البحري بسبب طبيعة السطح والصعوبات التي يواجهها إنشــاء الطرق والسكك الحديدية في مناطق النروج الداخلية والجبلية. وتعـدّ الهجرة من الـريف إلى المدن ظاهرة واضحة، إذ انخفضت نسـبة السـكان الريفيين من 65% عام 1900م إلى مايقرب من 30% نهاية القرن العشرين. أما الهجرة الخارجية فقد بلغت نسبة مرتفعة في بداية القرن العشرين حيث هاجر 600 ألف نرويجي إلى الولايات المتحدة الأمريكية سعياً وراء فرص أفضل للعمل فيها. ويؤلّف النروجيون نسبة 96% من السـكان، ومن ضمنهم أقلية السامي Saami، ويؤلف السويديون والدنماركيون والأجانب النسبة الباقية وهي 4% من السكان. كما تعيش جماعات اللاب Lapp شـمالي النروج ويزيد عـددهم على 20 ألف نسـمة، وهناك أقلية من الفنلنديين تبلغ نحو 10000 نســمة.

منظر من الريف النروجي

 

يتكلم السكان اللغة النروجية، وهي اللغة الرسمية في البلاد، والتي تتبع اللغات الجرمانيـة الشمالية، وتقسم اللغة النروجية إلى قسمين البوكمال Bokmalالمتأثرة باللغة الدنماركية والنينورسك Nynorsk التي تستعمل بكثرة في مناطق السـاحل. أما السكان اللابيون Lab فيستخدمون لغة خاصة تشبه اللغة الفنلندية.

تعد الإيفانغلية اللوثرية كنيسة الدولة، ويؤلف البروتسـتنت 86 % من مجموع السـكان، بينما يؤلف الكاثوليك 4.5%، أما المسـلمون فيؤلّفون 2%، ونسبة 1% هي من الديانات الأخرى، وهناك 6.5% من السكان من دون دين أولهم ديانات غير معروفة.

ومن أهـم المدن في النروج أوسلو Oslo العاصمة التي يتوسـط موقعها في السـهول الجنوبية ويقارب عدد سـكانها 800 ألف نســمة، وتعـدّ بيرغـن أكبر المدن على الساحل الغربي، ويفوق عدد سكانها مئة ألف نسمة، وهي مركز بناء السفن وميناء مهم. ومدينة تروندهايم ذات المركز الثقافي والروحي وميناء مهم ومن المدن الاخرى ستافَنْغَر Stavanger في الجنوب، ومدينة ترومسو Tromso ومدينـة هامرفِست Hammerfest في الجهة الشمالية من البلاد.

وهناك مطاران دوليان في كل من العاصمة أوســلو ومدينة بيرغن، ومن الموانئ البحرية أيضاً كريستيانساند Kristiansandوميناء نارفيك Narvik.

الجغرافيا الاقتصادية

يعتمد على الزراعة نحو خمس سكان النروج، و تتحكم الظروف المناخية الصعبـة بالإنتاج الزراعي، الذي يقل كثيراً عن حاجة الســكان، حيث لا تتجاوز مساحة الأرض الصالحة للزراعة 3.2% وتقدّر المساحة المغطاة بالغابات بنحو 18% من مسـاحة البلاد، وتوجد أفضل الأراضي الزراعيـة فـي منطقـة السـهول حـول فيـورد أوسـلو Oslo Fjord والأحـواض الداخليـة، وحول فيورد تروندهايم.

كـما يمثل فيورد بوكنا Bokna Fjord أماكن الزراعـة الرئيسـة في الإقليم الغربي، حيث الشتاء معتدل الحرارة وفصل النمو أطول من غيره في النروج. ويـزرع الفلاحـون والحبوب (ولاسيما الشعير) والبطاطا والخضار ومحاصيل العلف، كما تربى الماشية والأغنام والخنازير والطيور التي تكفي حاجة الاستهلاك المحلي، ويتم تصدير الفائض منها. ويقارب عدد الأبقار مليون رأس، وثلث مليون من الماعز ونحو مليوني رأس من الغنم، وتنتشر مزارع تربية الثعالب الفضية لتجارة الفراء، وتنتشر قطعان الرنـة في المناطق الشـمالية التي تعد عماد الحياة لقبائل اللاب لكونها تدر دخلاً مناسباً من بيع لحومها وجلودها. أما الغابات فهي تغطي 28% من مساحة البلاد، وتعد أساساً للعديد من الصناعات الخشبية والسيللوز والورق، وقد ساعد وجود طرق مائية قابلة لتطويف جذوع الأشجار على استغلال الغابة في الجنوب خاصة على نهر غلاما Glama، ويصل الإنتاج السنوي من الأخشاب نحو 11مليون م3.

ويمثل الصيد البحري نشـاطاً تقليدياً مهماً. حيث تشـغل النروج المرتبة الأولى في أوربا والخامسة فـي العالـم، فهي تصيد ما بين 4ـ 5% من الإنتاج السمكي العالمي، ويخضع القسم الأعظم من الأسماك المصادة لتحضير صناعي قبل التســويق، وتوفر تجارة منتجات الصيد وصناعتها فرص عمل للعديد من السكان والمزارعين الذين يمارسون هذه المهنة إضافة إلى عملهم في الأراضي الزراعية.

وتصدر النروج ثـلاثـة أرباع المحصول السـمكي بعد تحويله صناعياً، حيث يقدر إنتاجها بنحو 3.3 مليون طن من أنواع الأسـماك المختلفة، كما يمارس بعض الصيادين صيد الحيتان في مياه بحر الشمال.

تتميز النروج بشـهرة عالمية في مجال النقل البحري، فهي تملك رابع أسـطول تجاري في العالم يعمل في خدمة الدول الأجنبية، مما يوفر للبلاد عائدات ضخمة تعوض وسطياً ثلث عجز الميزان التجاري، ويعدّ أحد الأنشطة الاقتصادية المهمة في البلاد.

أما الصناعة فهي تعتمد على نحو رئيس على الطاقة الكهربائيـة، ويتمثل أهمها في الصناعات الكيميائية والمعدنية، وصناعة بناء السفن، والصناعات الهندســية وآلات الصيد البحري، وصناعة الأخشاب والورق، كما تنتشر الصناعات النسيجية والأغـذية، والأدوات الكهربائية ومعدات السـكك الحديديـة والمحركات في المدن الرئيسـة خاصة في مدينـة أوسـلو.

وتملك النروج مصادر نفطية كبيرة فـي القطاع النروجي من بحر الشـــمال مثل حقل إكوفيســك Ekofisk البترولي، وحـقول فـريغ Frigg للغاز الطبيعي، وينتقل البترول عبر الأنابيب لتكريره خارج الأراضي النروجية، كما يعد الحديد والبيريت من أهـم المعادن المنتجة خاصة مـن منجم ســيد ڤارانغرSyd varanger قرب الحدود مع روسيا. ويســتخرج الفحم الحجري من أرخبيل سفالبارد Svalbard في الشمال، إضافة إلى كميات محدودة من معادن الرصاص والايلمنت، والموليبدنيوم والزنك.

ويعدّ النفط والغاز الطبيعي أهم صادراتها إضافة إلى منتجات الصناعات المعدنية والكيميائية والورقية ووسائل النقل، في حين تستورد المواد الغذائية المختلفة والخامات المعدنية التي يجري تصنيعها لاسيّما الألمنيوم.

أما العملة المتداولة في البلاد فهي الكرونة النروجية NOK.

رياض الصيداوي

 

- التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار - النوع : سياحة - المجلد : المجلد العشرون - رقم الصفحة ضمن المجلد : 567 مشاركة :

متنوع

بحث ضمن الموسوعة