النهر
نهر
River - Rivière / Fleuve
النهر
تسمى الكمية الكبيرة من المياه المتدفقة في قناة طبيعية نهراً، وتكون جوانب هذه القناة محددة واضحة، إذ تنحدر تلك الجوانب نحو قاع القناة. وتولّد مياه النهر في أثناء سيرها قدرة جيومورفولوجية تستخدمها في عملية التعرية (حت، نقل، ترسيب) في أثناء جريانها. وقد جاء تعريف النهر عند بيير جورج Pierre George أنه مجرى مائي مهم يجمع المياه من روافد عدة ويصب في البحر. وتختلف الأنهار الكبيرة عن الصغيرة بأهميتها، وتركيب نظامها الناجم عن تعدد الروافد التي تغذيها. وبعض الأنهار دائمة الجريان كالنيل، وبعضها الآخر فصلي الجريان، إذ يجف في فصل انحباس الأمطار، كبعض الأنهار الساحلية في الجمهورية العربية السورية. ويرتبط جريان النهر بمصادر تغذيته (ينابيع، أمطار، ثلوج).
تتشكل الشبكة الهيدرولوجية للنهر (مسيلات، روافد، ونهيرات) فوق حوض مائي catchment محدد بخطوط تقسيم المياه. والحوض قطعة مقعرة من الأرض تشبه قمعاً مفتوحاً نحو السماء، وهو يشكل وحدة هيدرولوجية مستقلة، وتفصل خطوط تقسيم المياه بين الأحواض المائية المتجاورة.
ويقسم الحوض النهري إلى أقسام ثلاثة، يختلف المجرى النهري في كل قسم منها عن القسم الآخر:
ـ الحوض الأعلى: غالباً مايكون جبلياً، تنحدر المياه في مجاريها بقوة, فتكون سريعة والتيار قوي، وتظهر جوانب النهر عالية على شكل خوانق عميقة؛ وتنشط فيها عمليات الحت، فتتآكل الصخور وفق درجات قساوتها، وتكثر الجنادل والمساقط المائية في مجرى النهر؛ إذ تعمل مياهه على تعميق مجراه بالحت الشاقولي التراجعي بوضوح، فتظهر عمليات الأسر النهري، ويأخذ المقطع العرضي للنهر شكل حرف v.
ـ الحوض الأوسط: يعتدل فيه انحدار النهر، وتهدأ سرعة اندفاع المياه في المجرى، وتتكون المجاري النهرية الرئيسة في هذا الجزء من الحوض التي تُعدّ المستوى الأساس لروافد القسم الأول، وفي هذا الجزء تظهر عمليات الأسر النهري أيضاً، ومن ثمّ تتغير خطوط تقسيم المياه عند الحت التراجعي، لكن المقطع العرضي للنهر هنا يأخذ شكلاً نصف أسطواني.
ـ الحوض الأدنى: يتميز هذا الجزء ببطء انحدار النهر، وهدوء جريانه، وانخفاض درجة الحت الشاقولي وازدياد الحت الجانبي، لقرب منسوب النهر من مستوى الأساس عند المصب في هذا الجزء تظهر مظاهر إرساب جيومورلوجية كالسهل الفيضي والدلتا والمصاطب النهرية؛ إذ يزداد مجرى النهر تعرجاً في السهل الفيضي قبيل المصب.
تتجمع مياه الأمطار فوق الحوض المائي, وتتجه تحت تأثير ثقالتها وانحدار السطح إلى حفرة طويلة - وادي النهر - يجتازها في أغلب الأحيان مجرى مائي؛ والوادي يتكون من انحدارين بينهما مجرى - خط القاع - يندمج مع قاع النهر العادي؛ مشكلاً وادياً يأخذ مقطعه شكل نصف أسطواني، وقد تكون حدود المجرى غير واضحة في وادي قاع مسطح، ويمكن لمجرى النهر أن يخرج من مسيله، وينتقل على سطح السهل الفيضي- في أثناء الفيضان - حيث يشكل قاعاً واسعة، تجري المياه في سرير النهر، ثم تصب في البحر. وسرير النهر هو القسم المبلل والمغمور بمياه النهر، ويطلق عليه أحياناً قاع النهر، الذي يشكل الخط الواصل بين أخفض نقاط الحوض النهري، وترتفع المياه عند الفيضان في الوادي فوق مستوى سرير النهر إلى مستوى أعلى آخر؛ يسمى مستوى الفيضان.
قد يبدأ النهر بنبع يتدفق بقوة، ويغذي جريان النهر دوماً كنهر العاصي الذي ينبع من عين الزرقا في الهرمل بلبنان، وقد يكون المنبع مجموعة مسيلات متشكله فوق سطح الحوض، ومتجهة نحو المصب، وتعمل المياه المتدفقة في الشبكة المائية بالحت حتى تصل إلى مقطع الاتزان؛ إذ تقوم بالحت التراجعي- وأدواتها في ذلك ما تحمله من مجروفات مجرورة ومحمولة ومنحلة - حتى تحقق عملية الأسر النهري، وتعيد تشكيل خط تقسيم المياه من جديد.
عندما تنحدر المياه عبر هذه السيول والروافد تصب في النهر، ومن ثم في البحر، الذي يُعدّ مستوى الأساس بالنسبة إليها، ومكان التقاء المياه العذبة للنهر بمياه البحر المالحة هو المصب (نقطة التركيز)، فإذا حملت مياه النهر الرواسب ورسّبتها عند المصب شكلت الدلتا، وعندها قد يتفرع النهر فيها إلى فروع عدة كدلتا النيل، وإذا كان المصب في منطقة خليجية (فيوردات) لا تتشكل الدلتاوات، فتظهر أودية الأنهار في حوضها الأدنى على شكل مدرجات، ومصاطب نهرية كمظهر جيومورفولوجي يدلل على تبدل مستوى القدرة على الحت الشاقولي والجانبي؛ وانخفاض مستوى الأساس للنهر بعمل «تكتوني»، وتتفاوت غزارة الأنهار بحسب مصادر التغذية، وتقاس غزارتها بالمتر مكعب/ثا، ولا يقتصر اختلاف الأنهار في غزارتها فحسب بل في حياتها البيولوجية أيضاً، وحسب النطاق المناخي الذي تعبره، فأنهار المناطق الباردة تختلف عن أنهار المناطق الحارة والمعتدلة. وإذا كان النهر يسير في منطقة جيولوجية متماثلة الطبقات لا تعترضه الجنادل والشلالات يصبح صالحاً للملاحة كأنهار أوربا (الراين، الفولغا، الدنيبر) وتُنَظم مجاري الأنهار من أجل الملاحة، وتعدّ هذه الأنهار وسيلة نقل ومواصلات مهمة في أوربا.
عبد الكريم حليمة
مراجع للاستزادة: |
ـ حسن سيد أبو العينين، أصول الجيومورفولوجية (مؤسسة الثقافة الجامعية، الإسكندرية 1995).
- التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار - المجلد : المجلد الواحد والعشرون - رقم الصفحة ضمن المجلد : 80 مشاركة :