logo

logo

logo

logo

logo

خربة غزالة

خربه غزاله

-

 خربة غزالة

خربة غزالة

 

تقع بلدة خربة غزالة Khirbet Ghazaleh  في سهل النقرة الخصب إلى الجهة الشمالية الشرقية من مدينة درعا وعلى بعد نحو ٢٠ كم، وتبعد عن دمشق نحو ٨٠ كم باتجاه الجنوب، ويتبع لها عدد من القرى (الغارية الغربية والغارية الشرقية والكتيبة وعلما). ويمر من أراضيها في الجهة الجنوبية وادي الذهب الذي يتغذى بالمياه من سفوح جبل العرب، ووادي الدجاج في الجهة الشمالية، وهما من روافد وادي اليرموك، وكانت مياههما تغذي خزانات المدينة وبركها في فصل الشتاء.

امتازت البلدة - لكونها جزءاً من سهل حوران Hauran الخصيب - بزراعة القمح والحبوب والخضراوات والأشجار المثمرة كالزيتون والكرمة، ومازالت حتى الآن، لذلك كانت معمورة خلال الحقب التاريخية الماضية، وسكنت في الفترات النبطية والرومانية والبيزنطية والإسلامية. وكانت في الفترة العثمانية والفرنسية مركز منطقة حوران لتجميع الحبوب وتسويقها ومن أكبر الأسواق التجارية بفضل موقعها على خط الحديد الحجازي ووجود مركز محطة قطار فيها، ونالت بذلك شهرة واسعة، وأصبحت من المدن المهمة في منطقة سهل حوران.

تاريخ القرية الأثرية:

لا ترتبط خربة غزالة بأي طريق رومانية قديمة مباشرة، ولكنها تقع بالقرب من طريق درعا - الكسوة، وطريق بصرى - بانياس. ويوجد فيها الكثير من الآثار الرومانية المهمة المنتشرة في المنطقة والكثير من البيوت الأثرية والنقوش والقناطر الرومانية القديمة وغيرها. واكتسبت المنطقة أهمية كبيرة خلال العصر الإسلامي إذ أصبحت سوقاً للمنتجات الزراعية، واستمرت كذلك حتى الفترة العثمانية.

ومن أهم الآثار الباقية إلى الآن قناة فرعون الأثرية التي تمر غرب القرية وبركة الرياحية، وكانت تجر المياه إليها من جبل العرب. تقع القرية الأثرية في مركز البلدة الحالية، وفيها ثلاثة مساكن كبيرة مبنية من حجر البازلت بعضها بجانب بعض، كما يوجد مبانٍ سكنية أخرى بجوارها، ولكن بقاياها مخربة على نحو كبير، ودمجت في الأبنية السكنية للفترات المتأخرة؛ إذ تم إعادة استخدام الأبنية الأثرية وحجارتها في المساكن الأحدث خاصة في أواخر الفترة العثمانية نحو عام ١٨٥٠م وخلال الانتداب الفرنسي.

خربة غزالة

 

زار سيتزن Seetzen U. القرية سنة ١٨٠٥م وكان يرافقه راهب لفت انتباهه إلى أهمية الموقع، وأشار إلى وجود ثلاث برك للمياه، وذكر أن القرية أكثر فقراً من قرية إزرع وأنه كان يقطنها مئة عائلة مسلمة وخمس عشرة عائلة مسيحية. وقد مر بخربة غزالة عدد من المستشرقين والرحالة أمثال بوركهاردBurckhardt J. عام ١٨١٠م وريشتر Richter عام ١٨١٥م وبانك Bankes عام ١٨١٦م وراي Rey وويتزشتاين Wetzstein J. عام ١٨٥٨م، ولم يذكروا إلا بقايا لقناة مياه وقناطرها في شماليّ القرية وأن قوافل الحجاج جعلت من القرية محطة استراحة في طريقها إلى مكة.

وتم إحصاء العديد من النصب الجنائزية في المقبرة الجنوبية الغربية، وبعضها الآخر كان قد استخدم في إعادة بناء المسكن رقم (٢) وإصلاحه، إضافة إلى حجر نحت عليه إطار مزخرف على شكل ذيل طائر السنونو، ومصدره أحد الأضرحة، ويشير النقش اللاتيني الذي بداخله إلى شخص يدعى روفينوس Rouphinos، وكان قائداً في الجيش الروماني. وقد ذكر توماس فيبر Th. Weber في تقرير البعثة السورية الأوربية عام ٢٠٠٤م وجود أجزاء منحوتة لربة النصر وأخرى لأسد في خربة غزالة.

محطة القطار في خربة غزالة

تتميز المساكن القديمة في خربة غزالة بتنظيم متلاصق بحيث يستند بعضها إلى بعض مفصولة على الأكثر بجدار ضيق، وتشكل مجموعات مغلقة وعلى نحو عام مصممة ومبنية ككتلة واحدة، وعلى الرغم من أنها مشتركة فهي لا تفتح على بعضها إلا في استثناء واحد فقط محفوظ، وهو في المنزل رقم (١) الذي يرتبط مع المنزل رقم (٢) بممر ضيق. وهو ما يميز مساكن أغلب قرى منطقة جنوبيّ سورية. وتم توثيق عدة مساكن أثرية من قبل البعثة الفرنسية العاملة في جنوبيّ سورية، أهمها:

المسكن رقم (١): ويسمى محلياً دار الشيوخ، مساحته نحو ١١٥٠ م٢، ونمط البناء مغلق يتوسطه ساحة مبلطة بالحجر وفيها بئر ماء، والمدخل الرئيسي من الجهة الجنوبية الذي يفضي إلى الساحة الداخلية يحمل ساكفاً حجرياً وعلى جانبيه إطار ذو نقوش وأفاريز وتزيينات كالقطوف والأغصان، وله ثلاثة أجنحة تتوزع فيها الغرف على طابقين قائمين على دعائم وقناطر حجرية تحمل حجارة السقف بارتفاع ٤ م في الطابق الأرضي و٣.٨٠ م في الطابق الأول، ويوجد بقايا أدراج حجرية كانت تصعد للطابق العلوي، زينت بعض أسقف الغرف في زواياها الأربع بنقوش وصور مثل الأفعى، وفي الجناح الغربي كانت أبواب الغرف تعلوها نوافذ، وأحد هذه الأبواب عليه تاج مزخرف تتوسطه دائرة فيها وردة بنقش نافر. ويفصل الطابق الأول عن الثاني بروز حجري على طول الواجهة فوقه ثلاثة مداخل لثلاث غرف وثلاث نوافذ علوية تتوسطها في أعلاها نافذة حجرية دائرية يعلوها نقش زخرفي نافر.

المسكن رقم ١ من حجر البازلت في خربة غزالة مدخل أحد المساكن الأثرية

والواجهة الجنوبية للمسكن مكوّنة من جدار ارتفاعه ٨ م، ويستمر من الغرب إلى المدخل الجنوبي، وهو الحد الفاصل بين هذا المسكن والمسكن المجاور رقم (٢) وقبل المدخل الجنوبي من الخارج يوجد ممر يفصل بين هذا المسكن والمسكن المجاور يتقدمه مدخل من جهة الشرق له إطار زخرفي وساكف مزين بنقوش في صدره الجنوبي الشرقي، ومن الأعلى يوجد لوحة حجرية تحمل نقوشاً كتابية.

المسكن رقم(٢): يسمى محلياً دار العمور، مساحته نحو ١١٢٥ م٢، ومدخله الرئيسي من جهة الجنوب يفضي إلى ساحة مربعة مبلطة بالحجر وفيها بئر ماء، ويتألف من عدة أجنحة، وقد أقيم بناء محدث في الجهة الشرقية، وفي الجهة الشمالية والغربية بناء يتألف من طابقين يقوم على دعائم وقناطر حجرية وأدراج للطابق العلوي، تتوزع الغرف فيهما، وتفتح أبوابها على الساحة الداخلية للمسكن، ويعلوها نوافذ، ويفصل بين الطابقين بروز حجري على طول الواجهة، وزينت أسقف بعض الغرف بنقوش وأفاريز مختلفة.

إلى الشرق من المسكن رقم (٢) وعلى بعد نحو ١٥م توجد آثار كنيسة متهدمة السقف أبعادها ١٠ × ٦ م، وبقايا أبنية ومساكن أثرية أخرى تعود إلى العصر الروماني والبيزنطي متوزعة في القرية القديمة بخربة غزالة. وتقدم هذه الآثار والمساكن القروية المميزة صورة عما كانت عليه تقنيات البناء المتوافقة مع حجر البازلت، والتنظيم المكاني المتواتر الذي يفصل على نحو واضح بين المساحات المخصصة للنشاطات الاقتصادية والمساحات المخصصة للحياة الخاصة.

المساكن الأثرية في خربة غزالة

ونتيجة دراسة البناء والزخرفة المنحوتة تم تحديد تاريخ هذه المساكن الكبيرة في الفترة الواقعة بين القرنين الأول والسادس الميلاديّين، وتضررت بسبب زلزال عام ١٧٤٩م على الأرجح، وتبعها مراحل متتالية من إعادة البناء ثم الهجرة فالعودة للسكن حتى ستينيات القرن الماضي، وهو التاريخ الذي شهد هجرها النهائي.

سعيد الحجي

 

مراجع للاستزادة:

- بركات الراضي، تاريخ آثار وتراث حوران (دمشق ٢٠٠٢).

-Pascale Clauss-Balty, Hauran III, l’habitat dans les campagnes de Syrie de sud aux époques classique et médiévale, institut français du proche orient, Beyrouth, 2008.

-Pascale Clauss-Balty, « Maisons rurales antiques de Syrie du Sud : les exemples de Maaraba et de Khirbet Ghazaleh », Annales Archéologiques Arabes Syriennes XLVII-XLVIII, 2008, p. 217-233.


التصنيف : آثار كلاسيكية
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1038
الكل : 58492683
اليوم : 65197