logo

logo

logo

logo

logo

الخضر (مقام-)

خضر (مقام)

-

 الخضر

الخضر (مقام -)

 

يقع مقام الخضر في منطقة السلمية بوسط سورية، وهو بناء رئيسي، وتلحق به أبنية أخرى تتربع على قمة جبل يحمل الاسم نفسه «جبل الخضر»، يقع على مسافة ٣كم شمالي مدينة السلمية، ويعرف عند العامة باسم مقام الخضر أو مقام الخضر الحي.

تشير البقايا المعمارية للمكان إلى أنه شهد فترات إعمار مختلفة بداية من العصر البيزنطي في سورية (٣٣٣-٦٣٥م). وكان لانتشار حركة الرهبنة في القرن ٥-٦م دور كبير في ظهور هذا الموقع المميز الذي يحوي آثاراً وإشارات مسيحية عديدة تؤكد هذا الاستدلال من حيث التصميم وأشكال العقود والتغطيات؛ كذلك الأعمدة وتيجانها وزخارفها، ويرجح- نظراً لتعدد آثار الأساسات وضخامة عدد الأحجار المتناثرة بالموقع- أن البناء كان ديراً متكاملاً يرتبط ببنائه الأساسي عدد من الغرف والمغاور الطبيعية المجاورة التي خُصّصت بعد إجراء بعض التعديلات والإضافات عليها لسكن الرهبان وغيرهم من القيّمين على الدير الذي حمل اسم «مارجرجس» والذي عرف بالديانة الإسلامية باسم «الخضر» حيث ورد ذكره في القرآن الكريم في سورة الكهف بوصفه عالماً أو رجلاً صالحاً دون ذكر اسمه صراحة.

تعرّض الدير للتخريب على يد الملك الفارسي كسرى أبرويز الذي اجتاح سورية ودمّر الكثير من مدنها بما فيها مدينة السلمية سنة ٦١٣م.

المسقط الأفقي للمقام

 

يغلب أن تحويل هذا الدير لمقام أو زاوية جرى بداية منذ النصف الثاني للقرن ٢هـ/٨م، عندما شهدت سلمية إعادة إعمار شاملة حُوّلت فيها جميع المباني الدينية المسيحية المدمّرة إلى مبانٍ دينية إسلامية قائمة الشعائر.

ويبدو أن الاهتمام الخاص الذي أظهره الأيوبيون (٥٧٠-٦٥٨هـ/١١٧٤-١٢٦٠م) بمدينة سلمية إضافة إلى حركة النشاط العمراني التي تجلت في إعادة تأهيل المسجد الكبير المعروف اليوم باسم «مقام الإمام إسماعيل» والحمام (حمام سلمية) والقلعة المعروفة اليوم باسم قلعة شميميس واستخدامها؛ كل ذلك أسهم في بقاء هذا الموقع نشطاً ومستثمراً بوصفه موقعاً دينيّاً ومزاراً يُقصَد للصلاة وللتبرك وتقديم الأضاحي.

حافظ المقام على دوره مزاراً دينيّاً بعد الإعمار الأخير لمدينة سلمية بعد سنة ١٢٥٦هـ/١٨٤٠م لفترة غير قصيرة حتى تداعى لقلة الاهتمام الجاد به؛ مما شجع بعض الناس بعد سنة ١٩٢٠م على اقتلاع بعض حجارته المميزة ونقلها واستخدامها في إعمار بعض ما شيده الأهالي بعد ذلك.

بقايا الواجهة الخارجية الشرقية

بقايا الواجهة الجنوبية من المقام من جهة الحرم والمحراب بقايا إحدى غرف الضلع الشمالية

 

يتمثل التصميم المعماري للموقع ببناء مستطيل تمتد ضلعه الطويلة من الشمال إلى الجنوب بطول ٢٥م وضلعه القصيرة بعرض نحو ١٤م. وله أربع واجهات مصمتة سوى بعض النوافذ الضيقة. يقع المدخل الرئيسي والوحيد للمقام في الواجهة الشمالية للبناء، وهو يفتح على دهليز بعرض ١.٣٠م وطول ٣.٩٠م حيث يتوصل منه إلى فناء أوسط مكشوف طوله ١٣.٥٠م، وعرضه نحو ٩م، كان يتوسطه بركة دائرية ما تزال بعض بقاياها قائمة.

يفتح في الضلع الشماليّة للفناء بابان بعرض ٩٠سم، يتوصل من كل منهما إلى غرفة، تقع الأولى بالزاوية الشمالية الغربية للبناء، وهي الكبيرة، أبعادها ٣.٧٠م×٢.٣٠م. أما الغرفة الثانية فهي الصغيرة، وتبلغ أبعادها ٢.٣٠×٢.٣٧م.

بينما جاءت الضلع الشرقيّة للفناء خاليةً من البناء؛ فإن الضلع الغربيّة المقابلة تحتوي على غرفتين وإيوان؛ الأولى منهما تقع في الزاوية الجنوبية الغربية للفناء، ويُدخل إليها عبر فتحة باب بعرض ٨٠سم، وهي مستطيلة المسقط، أبعادها ٣.٨٠×٢م، والغرفة الثانية المتوسطة أبعادها ٥.٤٥×٢م. أما الإيوان الواقع في الطرف الشمالي للضلع فيفتح بكامل اتساعه البالغ ٢.٦٠م على الشرق، ويمتد بعمق ٢.٩٠م.

صورة تظهر الأحجار المستخدمة في بناء المقام وشكل أعتاب الفتحات إحدى غرف المقام في الضلع الغربية للحرم الواجهة الخارجية الشرقية

ويقع حرم المقام خلف الضلع الجنوبيّة للفناء، ويتوصل إليه عبر مدخل تذكاري جعل على طرفيه عمودان أسطوانيان من البازلت، يليه دهليز. يفضي المدخل لحرم مستطيل أبعاده ٧.٥٥×٤.٥٠م، يتوسط جداره الشمالي محراب ضخم بشكل حنية جدارية نصف دائرية على طرفيها الخارجين عمودان أسطوانيان غير مدمجين، وتبرز واجهة المحراب عن سمت الجدار الخارجي للحرم بنحو متر؛ لتكون حلاً معمارياً يسمح بإنشاء حنية المحراب الضخم.

غُطي الحرم كما باقي الفراغات في هذا المقام بعقود متقاطعة من الحجر البازلتي المحلي المشذب الذي استخدم في كامل البناء، وجعلت سواكف الأبواب والنوافذ من قطع كبيرة، وتراوح سماكة الجدران بين ٨٠-٩٠سم.

ويلحق بهذا البناء الرئيسي بناء آخر صغير يقع في الجهة الشمالية منه، ويتمثل بغرفتين متلاصقتين بُنِيتا بالأسلوب والمواد نفسها، أبعاد كل منهما ٣×٢.٨٠م، ولكل منهما باب يفتح نحو الجنوب.

البناء اليوم بحالة سيئة من الحفظ؛ إذ تداعت أغلب جدرانه حتى كادت تُمحى بعض فراغاته، ويمتلئ الموقع باللقى والمنحوتات المتناثرة التي تؤكد أهميته الأثرية.

غزوان ياغي

 

مراجع للاستزادة:

- غزوان ياغي، المعالم الأثرية للحضارة الإسلامية في سوريا (المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم، الرباط ٢٠١١م).


التصنيف : آثار إسلامية
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1046
الكل : 58492795
اليوم : 65309