logo

logo

logo

logo

logo

الحسنين (جامع-) /حماة/

حسنين (جامع) /حماه/

-

 ¢ الحسنين

الحسنين (جامع -)

 

يقع جامع الحسنين في وسط مدينة حماة القديمة، وتحت قلعتها من جهة الجنوب في منطقة بين حي الباشورة وحي المدينة، وذلك بالقرب من باب العدة قديماً. عُرف الجامع بفترات سابقة باسم جامع الحسين، ثم جرى تحريف الاسم من قبل العامة فصار يدعى بجامع الحسنين، مع أن الاسم الأول هو الأصح حيث إن العديد من النصوص الواردة في سجلات المحكمة الشرعية ذكرت جامع الحسين.

صورة جوية لمدينة حماة يظهر فيها موقع جامع الحسنين

وقد ذكر مونمارشيه صاحب «الدليل الأزرق» هذا الجامع بقوله: «ثم يصل إلى التل الذي تعلوه القلعة المندرسة، والواقف في ذروة هذا التل، يتمتع بمشاهدة حماة كلها، وفي جنوبي هذا التل جامع صغير له قبة مضلعة، تدعى قبة الحسين، وفي الجامع كتابة تذكر تجديده عقيب الزلزلة الهائلة التي حدثت في سنة ٥٥٢هـ/ ١١٥٧م».

صورة لجامع الحسنين باتجاه الشمال وخلفه قلعة حماة

لا يمكن تحديد تاريخ بناء الجامع بالضبط؛ وبحسب بعض الدلائل المعمارية (مثل بعض المداميك الحجرية الكبيرة في الواجهة الرئيسية) فإن بناء الجامع يسبق العصر السلجوقي على الرغم من الطراز المعماري الغالب والذي يعود إلى تلك الفترة الزمنية. فالجامع بالتأكيد كان موجوداً قبل القرن ٦هـ/١٢م، ولكن الزلزلة المذكورة جعلت السلطان نور الدين محمود بن زنكي يقوم بترميم شامل للجامع (مثل العديد من الأبنية العامة التي دمرها الزلزال) فأعاد إحياء البناء، واسترجع الجامع أهميته ومكانته، ويدل على ذلك لوح كتابي منقوش على حجر كلسي مرتفع يقع على يمين مدخل الجامع بأبعاد (٨٠ سم ×٥٥ سم) كُتب بالخط الكوفي، وينصّ على ما يأتي:

- بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله

- عليه وسلم أمر بعمارة هذا المسجد المبارك بعد

- هدمه في الزلزلة الجارية سنة اثنين (اثنتين) وخمسين

- وخمس ماية مولانا الملك العادل المجاهد

- نور الدين أبو القاسم محمود بن زنكي

كما أن هناك كتابة ثانية على ساكف نافذة منخفضة في واجهة القبة الشرقية ونصها:

- أنشأ هذه القبة المباركة الفقير إلى الله تعالى محمود بن الحراية

- الراجي عفو ربه بتاريخ سنة أربعين وخمسماية

والتاريخ الخاص ببناء القبة الشرقية للجامع الوارد في الكتابة الثانية يحمل على الاعتقاد أن هذه القبة لم تكن موجودة قبل تاريخ ٥٤٠هـ/١١٤٥م؛ وأن نور الدين محمود بن زنكي أعاد بناء القبة بعد تهدمها بالزلزال مع باقي أجزاء الجامع في سنة ٥٥٢هـ/١١٥٧م.

منظر عام لجامع الحسنين

وهناك كتابة ثالثة منقوشة بخط النسخ وهي تقابل الكتابة الأولى، وعلى الطرف الآخر للمدخل الخارجي للجامع وهي على لوح رخامي أبعاده ٨٥سم ×٣٠سم، وهي مؤلفة من سطرين نافرين نصهما على الشكل الآتي:

- جدد المشهد الشهير برأس الحسين الشهير نزهة أبصار

- أحمد آغا المعروف بابن الشرابدار منشىء الخير من سلالة انصار ١٠٣٣هـ (١٦٢٣م)

كما تم تجديد مدخل الجامع مع جدار مجاور له حيث تم إحداث باب جنوبي متسع غائر عن الواجهة الجنوبية الرئيسية، تعلوه قنطرة نصف دائرية مزينة بنقوش، تعلو القنطرة عدة مداميك حجرية مختومة بإفريز حجري جميل مرتفع عن واجهة الحرم، ونقش على ساكف الباب ما يأتي:

- جامع الحسنين

- جدد هذا الباب سنة ١٣٤٩هـ /١٩٣٠م.

ويتضح بتحليل العناصر المعمارية للبناء بأنه- وبفترات تاريخية لاحقة- أتبع بالجامع مدرسة اسمها المدرسة الفريجية ومقام للنبي يونس، وفي بداية الثمانينيات من القرن الماضي تم إجراء ترميم شامل لبناء الجامع بإشراف مديرية الآثار والمتاحف.

بُني الجامع بحجارة مختلطة كلسية وبازلتية وبأحجام مختلفة تبعاً للفترة الزمنية. ويتألف الجامع من صحن مركزي فيه درج حجري صاعد إلى السطح في الطرف الغربي منه، وينفتح على هذا الصحن الحرم في جهته الجنوبية، ورواق شمالي مسقوف بأربع قبوات متقاطعة، وثلاث غرف شرقية؛ الشمالية منها مفتوحة، وغرفة غربية. والحرم مقسّم إلى ثلاث وحدات معمارية، ويمكن لحظ ذلك في سقف الحرم حيث تعلوه قبتان مختلفتان بالشكل وكبيرتان بالحجم إضافة إلى وجود قبوة متقاطعة تغطي الجانب الغربي من الحرم وتحمل مئذنة الجامع. القبة الشرقية نصف كروية مدببة كثيرة الحزوز من الداخل والخارج، وقد خلت الزاويا الركنية بين الرقبة والقبة من أي شكل من أشكال التزيين أو التشكيل، وللقبة الشرقية رقبة لها اثنتا عشرة ضلعاً تحوي اثنتي عشرة نافذة معقودة بعقد مدبب، وفي أغلب الظن أن هذه القبة من بناء نور الدين محمود بن زنكي بعد الزلزال الكبير الذي سبقت الإشارة إليه.

أما القبة الغربية (أمام المحراب)- وهي أكثر قدماً- فهي محززة وأقيمت على قاعدة محمولة على أكتاف من الجانبين على شكل قوسين وعلى حنايا ركنية تم تشكيلها في زوايا المربع وذلك لتحويل المربع إلى دائرة ليصار إلى إتمام ارتكاز القبة على القاعدة.

تحتوي الواجهة الشرقية لصحن الجامع على ثلاث غرف أهمها الجنوبية، وهي غرفة مربعة سقفها قبة نصف كروية، وفي وسط الغرفة تابوت خشبي مغطى بقماش أخضر منسوب إلى النبي يونس (ذي النون)، وقد أكدت ذلك كتابة نقشت على حجر كلسي تعلو مدخل الغرفة المطل على صحن المسجد بأبعاد ٥٠سم×٣٥سم؛ وهي من ثلاثة أسطر نصها الآتي:

قد بنى هذا الفنا من ماله

ابتغاء مرضاة وجه الواحد

سوف يأتيه الجزاء من يونس

أعني ذا النون النبي الماجد

ان تسلني من بناه أرخـوا

فهو عبد الله شاع الراشد

١١٤٠هـ (١٧٢٧م)

للجامع مئذنة مربعة الشكل، طرازها سلجوقي، تقع على الواجهة الجنوبية للجامع، وهي بسيطة البنيان خالية من الزخارف ومبنية من الحجارة الكلسية والبازلتية الصغيرة الحجم من الأسفل، وجدران حجرية مكسوة بالطينة الكلسية في الأعلى حيث تقوم شرفة بارزة خشبية جميلة، يعلوها بدن علوي متدرج. للمئذنة باب ينفتح من الجهة الشمالية على سطح الجامع ويعلو عنه بثلاث درجات، كما أن لها باباً في الأعلى ينفتح على الشرفة الخشبية وهو باتجاه الجنوب لخروج المؤذن للأذان، كما تتخلل جدران المئذنة بعض النوافذ الضيقة للإنارة والتهوية.

الواجهة الجنوبية

ومن الأبنية المجاورة للمسجد - والتي يمكن عدّها جزءاً منه- بناء موجود في الجانب الشرقي من الجامع مؤلف من باحة مكشوفة وغرفتين متبقيتين من أصل البناء؛ حيث كان البناء بالأصل مدرسة كبيرة تعرف بالمدرسة الفريجية، وهي منسوبة إلى زين الدين فرج وزير الملك المنصور الأول محمد صاحب حماة ووزير المظفر الثاني محمود من بعده، وقد تحولت هذه المدرسة مؤخراً إلى دار للسكن.

وورد ذكر هذه المدرسة في سجلات المحكمة الشرعية بحماة سنة ٩٦٥هـ/١٥٥٧م، وتم تحديد مكانها بجوار جامع الحسنين، كما ذكرت أوقافها الواسعة سنة ٩٦٩هـ/١٥٦١م وسنة ٩٨٨هـ/١٥٨٠م، وذكر أنه قد تم تنفيذ إصلاح هذه المدرسة سنة ١٠٠٥هـ/١٥٩٦م.

تقوم بين الغرفتين المتبقيتين من المدرسة عضادة كبيرة تحوي كتابة نافرة مؤلفة من سطرين، أبعادها ٩٥سم ×٣٠سم، تشير إلى إنشاء مكان آخر متأخر عن عصر زين الدين المذكور سابقاً، ومن المحتمل أن هذه العضادة قد أُعيد استخدامها في أثناء إصلاح البناء؛ إذ إن وضعها غير طبيعي، وجاء بالكتابة:

- أنشأ هذا المكان المبارك الرائد غفران الله تعالى محمود الحكيم

- ابن الكفر طابي ابتغاء مرضاة الله و طلبا لثوابه في شهور سنة ستة وثمانماية (١٤٠٣م).

المسقط الأفقي لجامع الحسنين والواجهة الرئيسية ومقطع منظوري للجامع

وقد كان للجامع أوقاف كثيرة لتلبية احتياجاته؛ إذ أشارت سجلات المحكمة الشرعية بحماة إلى وجود سبعة أفدنة في قرية أيّـو (جنوبي حماة١٠كم)؛ إضافة إلى دكاكين صاغة داخل باب العميان تشمل ثلاثة مخازن وحانوتاً وفرناً وطاحوناً للسمسم؛ فضلاً عن نصف قطعة أرض بأرض العشر في حماة. كما أشارت السجلات إلى تولي بعض النظارة لهذه الأوقاف ولرعاية المسجد، ومنهم الشيخ علي بن الأمير محمود وإبراهيم بن قرناص. كما توجد نصوص بتولية الإمامة والتدريس بالجامع كالإمام محمد بن السيد إبراهيم والشيخ محمد الشهير بابن الرحيبي، ومن هذه النصوص:

«أذن الحاكم الشرعي المولى الموقع أعلاه المتوقع برضى مولاه، وتولي مناه، لحامل هذه الوثيقة الشرعية وناقلها فخر الأهالي والمدرسين مولانا العلامة الشيخ محمد بن الشيخ عبد الرزاق الشهير بابن الرحيبي بالتصرف في وظيفته النظر على وقف جامع الحسين الكائن باطن حماة المحروسة، وفي قبض ماله لذلك من معلوم المقرر في كل يوم يمضي من تاريخه وهو عثماني واحد بموجب البراءة السلطانية المخلدة بيده المؤرخة في اليوم الحادي والعشرين من شهر ربيع الآخر من شهور سنة تاريخه أدناه، وفي قبض محصول الوقف المذكور ممن هو عليه وعنده ولازم له وفي حرفته على مصالح الجامع الموما إليه من عمارة وترميم وغير ذلك أذناً صحيحاً شرعياً مقبولاً منه قبولاً شرعياً تحريراً موضعياً بتاريخ أوائل شهر رجب من شهور سنة تسع وثمانين وتسعمائة» (١٥٨١م).

مجد حجازي

مراجع للاستزادة:

- أحمد الصابوني، تاريخ حماة (المطبعة الأهلية، ١٩٥٦م).

- عبد الودود محمد يوسف برغوث، لواء حماة في القرن الثامن عشر (نظام حكم وبنية مجتمع) من سجلات المحكمة الشرعية في حماة (جامعة دمشق، دراسة لنيل شهادة الدكتوراة).

– كامل شحادة، «من مآثر نور الدين محمود زنكي العمرانية في حماة»، مجلة الحوليات الأثرية، عدد ٢٠، دمشق ١٩٦١م.

- راشد الكيلاني، حماة تاريخ وحضارة (مطبعة اليمامة، ٢٠٠٢م).

- أحمد وصفي زكريا، جولة أثرية في بعض البلاد الشامية (دار الفكر، ١٩٨٤م).

- أحمد غسان سبانو، مملكة حماة الأيوبية (دار قتيبة، دمشق ١٩٨٤م).

 


التصنيف :
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1052
الكل : 58491353
اليوم : 63867