logo

logo

logo

logo

logo

الحمة (الخابور-)

حمه (خابور)

Al- Hammah-1 - Al-Hammah-1

 الحِمة

 الحِمة (الخابور)

 

 

تغطي هضبة الحمة Al-Hemma البازلتية في منطقة الجزيرة السورية مساحة تبلغ أبعادها نحو ٢٥×٣٠كم، وتمتد على مسافة ٣٠كم جنوبي مدينة الحسكة، وشمالي الدرباسية، يقطعها من جهة الشرق سهل وادي عوديج، ووادي كاخورت المجاور له والذي يقسم الهضبة من الغرب إلى الشرق بعرض يقارب ١كم.

جاء أول ذكر للهضبة عام ١٩٢٠م عندما قام طياران إنكليزيان بالتقاط صور جوية لها، لكن أول دراسة منظمة للمنطقة كانت خلال عامي ١٩٩٨- ١٩٩٩م، وقام بها الباحث البلجيكي بول- لويس فان بيرغ Paul- Louis van Berg من جامعة بروكسل الذي أجرى مسحاً أثرياً في موقع خشام (1)؛ بالتعاون مع البعثة السورية الأوربية المشتركة العاملة في تل بيدر ومع دائرة آثار الحسكة. ثم وسّع دائرة عمله منذ عام 2001م ليشمل المسح الأثري كامل منطقة الهضبة، ويقوم بإجراء بعض الأسبار التنقيبية فيها بهدف دراسة المصائد والنقوش الصخرية.

تدل البقايا الأثرية- المؤلفة من المباني والنقوش الحجرية والأدوات الصوانية والكِسَر الفخارية المنتشرة على أطراف الهضبة وحواف الأودية المتقاطعة معها- على سكن قديم وكثيف ومتتابع للمنطقة بدأ في العصر الحجري الحديث ما قبل الفخار ب PPNBثم العصر الحجري النحاسي، واستمر خلال عصور البرونز المختلفة حتى نهاية العصر الإخميني.

تركزت التحريات الأثرية في محيط الهضبة وحواف الأودية المتقاطعة معها نظراً لكثافة المعالم الأثرية المنتشرة فيها. وشملت الدراسة مواقع: خشام (١) الواقع على بعد نحو ٣٠٠م من قرية خشام، وعلى بعد نحو ٥كم جنوبي تل بيدر، وخشام (٢) الواقع على بعد ٥٠٠م جنوبي خشام (١) ويمتد في منطقة سهل وادي كاخورت، وموقع كفرا على بعد نحو ٣كم شمالي تل بيدر، وموقعي ضبعان وباشكوي الواقع إلى الشمال من موقع خشام، ثم موقعي خان ومرة على بعد ٢٠كم إلى الشمال الغربي من موقع خشام، فموقع عين العبد شرقي ناحية تل تمر على بعد ١٠كم إلى يسار الطريق المؤدي إلى القامشلي، وكذلك موقع أم الركبة في الجهة الجنوبية الغربية للهضبة، وأخيراً موقع عب الناقة إلى الشرق من موقع أم الركبة.

 

تأتي أهمية هذه المواقع من وجود معالم معمارية من أهمها المصائد kites التي كانت تشيد عند سفوح التلال، وتستعمل لصيد الحيوانات البرية وتربيتها وترويضها وتهجينها. وهي منشآت حجرية تراوح مساحتها بين 10 إلى 200 متر مربع، شُيدت على شكل متعدد الأضلاع يملك زوايا مفتوحة أو نصف دائرية، أو على شكل مربع أو مستطيل أو دوائر صغيرة، وكان يتقدمها جداران أو أكثر من الجهتين يلتقيان عند المدخل، كما ضمت هذه المصائد في كثير من الأحيان أبراجاً دفاعية. والجدير بالذكر أن منطقة المشرق العربي عرفت تجمعات من هذه المصائد في العديد من المناطق. وقد تم حتى الآن الكشف عما يقارب 700 إلى 800 مصيدة، توزعت في شمالي سورية (حوض الخابور) وجنوبيّها، وفي شمالي الأردن وفي منطقة النقب وسيناء وأيضاً في منطقة شمالي الجزيرة العربية وأوزبكستان.

كما تأتي أهمية هذه الهضبة أيضاً من الأعداد الكبيرة للنقوش والرسوم الصخرية التي اكتشفت فيها، وعليها مشاهد إنسانية وحيوانية، من بينها أشخاص رافعو الأيدي أو يحملون أدوات صيد مختلفة (سيوف، فؤوس، رماح)، وأحياناً يتصارعون مع الحيوانات المفترسة، وهناك رسوم للآلهة وهي تركب العربات أو تمتطي الحيوانات، ورسوم أسطورية، ومن رسوم الحيوانات هناك الغزال والوعل والخيليات والبقريات والعقارب وأنثى الكلب والأسود وهي تصطاد. كما وجدت رسوم لمصائد لها أشكال دائرية أو مربعة ومثلثة. وعلى الرغم أن الفنان لم يراعِ نسب الأبعاد في رسومه؛ تبقى هذه الأعمال من أقدم النقوش والمخططات المرسومة في العالم.

أهم مواقع الحمة والمكتشفات التي وجدت فيها:

- موقعا خشام (1) و(2): يُعدّ موقع خشام (2) هو الأهم؛ إذ عثر فيه على العديد من المنشآت المعمارية ذات الوظائف المختلفة والتي بنيت من الحجارة البازلتية الكبيرة الحجم، من بينها مصيدتان: كانت الأولى كاملة ومحفوظة بشكل جيد تمتد على المنحدر الجنوبي لوادي كاخورت، وتميزت بشكلها متعدد الأضلاع، أبعادها بين 140م طولاً و40- 80 م عرضاً، وهي مفتوحة باتجاه الشرق، أما الثانية فتقع في الجهة الشمالية من مدخل الوادي، وكانت مخربة على نحو كامل، وتضم بقايا جدارين وخلية دائرية الشكل، وتحتوي بقايا أبراج دفاعية. كما عثر في هذا الموقع على500 نقش حجري يعود إلى عصر البرونز المبكر، سبعون نقشاً منها يحمل رسوماً تمثل المصائد ذات الأشكال الدائرية والمربعة، وعثر في هذا الموقع على بقايا كسر فخارية تعود إلى العصر الآشوري الحديث. أما في موقع خشام (1) فقد عثر على أبنية ونقوش مشابهة تماماً لتلك التي وجدت في خشام (2).

- موقع كفرا: عثر فيه على منشأة مبنية بالحجارة تألفت من فناء كبير يحيط به عدد من الغرف، وجدت فيه كسر فخارية تعود إلى العصر الآشوري الحديث وإلى عصري حلف وأوروك. وضم الموقع 1200 نقش صخري، حمل بعضها مشاهد تتضمن أشكالاً هندسية (ربما كانت مخططاً للتجمع السكاني)، ومنها مشهد لعربة ذات أربع عجلات تعود إلى عصر البرونز المبكر (الألف الثالث قبل الميلاد).

- موقع باشكوي: عثر فيه على عشر مصائد مبنية من حجر البازلت؛ إضافة إلى 87 نقشاً صخريّاً مشابهة لنقوش موقع خشام (2).

- موقعا خان ومرة: عثر فيهما على مجموعة من الأبنية المشيدة من حجر البازلت من بينها بعض المنازل، وعلى 100 نقش صخري، كان أهمها نقش العربة التي يجرها حيوانان، كما عثر على بقايا كسر فخارية تعود إلى الألف الثاني قبل الميلاد.

- موقع عين العبد: عثر فيه على مجموعة من الأدوات الصوانية تعود إلى العصر الحجري الحديث؛ إضافة إلى 125 نقشاً حجرياً بعضها ذات مواضيع دينية، وتحمل صوراً لشخصيات مقدسة، ويعود تاريخ معظمها إلى الألف الأول قبل الميلاد.

رسوم على الحجارة البازلتية من منطقة الحمة وخشام رسوم على الحجارة من منطقة الحمة وخشام

 

- موقع أم ركبة: ضم مجموعة من المنشآت المعمارية، أهمها بناء حجري دائري الشكل، وبقايا أسوار ومنازل، و170 نقشاً، حملت مشاهد حيوانات، من بينها جمل يركبه أحد الأشخاص، كما حمل بعض كتابات عربية أضيفت فوق النقوش القديمة العائدة إلى الألف الأول قبل الميلاد.

- موقع عب الناقة: عثر فيه على 1000 نقش حجري، تحمل رسوماً لمصائد ولحيوانات عاشبة تأكل من شجيرات صغيرة ربما يعود تاريخها إلى العصر الآشوري الحديث.

لقد أسهمت اكتشافات مواقع الحمة بتوضيح الأهمية الكبيرة لهذه الهضبة، وساعدت على فهم البيئة المحلية لها ولكل المنطقة المحيطة بها، وأظهرت الدور الذي قامت به-عبر مختلف العصور التاريخية- وتداخلها الحضاري مع المواقع المجاورة، وساعدت المجموعة الكبيرة من المصائد والنقوش الحجرية المكتشفة فيها والتي بلغت 6204 نقوش على تسليط الضوء على جوانب مهمة وغامضة في حياة هذه المنطقة وعلاقاتها. وقد بينت دراسة هذه النقوش ومقارنتها مع مثيلاتها في بلاد الرافدين أن النقوش ذات المواضيع الإنسانية والتي تم فيها رسم الرأس على شكل دائرة، والجذع على شكل مثلث، والأطراف على شكل خطوط؛ تعود إلى العصر الحجري النحاسي وبالتحديد إلى نهاية الألف الخامس وبداية الألف الرابع قبل الميلاد، أما رسوم الإنسان الذي يسيطر على الحيوانات، ويعتني بها فهي تعود إلى الألف الرابع قبل الميلاد، وتعود النقوش التي تحمل رسوم عربات ذات عجلات ويجرها حيوانان إلى الألف الثالث قبل الميلاد، أما موضوع صراع الحيوانات فيما بينها فيعود إلى الألف الثاني قبل الميلاد.

مياسة ديب

 

مراجع للاستزادة:

-F. Braemer, Nature et fonctions des “desert kites”: données et hypotheses nouvelles”, Paleorient, 21(1995), pp. 35- 63.

- P. L. van Berg, Fieldwork at the Archaeological and Rock Art Sites of the Hemma Plateau (Hassake, Syria): season 2002”, Adumatu, 8 (2003), pp. 7- 19 .

- P. L. van Berg, Desert-Kites of the Hemma Plateau (Hassake, Syria), Paleorient, 30 (2004), pp. 89- 99 .


التصنيف : العصور التاريخية
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1057
الكل : 58492379
اليوم : 64893