logo

logo

logo

logo

logo

الحاج (تل-)

حاج (تل)

aL-Haj (Tell-) - aL-Haj (Tell-)

 ¢ الحاج

الحاج (تل -)

 

يقع تل الحاج Tell Al-Hajj في منطقة غمر بحيرة الأسد على الضفة اليمنى (الشامية) لنهر الفرات،قرب قرية عارودة، بين موقعي تل الحديدي[ر] وتل حبوبة الكبيرة[ر]، ويتبع لناحية الخفسة بمنطقة منبج في محافظة حلب. يأخذ التل شكلاً بيضوياً، يمتد من الشمال إلى الجنوب، بموازاة النهر، أبعاده عند قاعدته ٣٠٠ × ٤٠٠م، وارتفاعه نحو ٢٠م.

عملت في التل بعثة أثرية سويسرية خلال عامي ١٩٧١ – ١٩٧٢ بإدارة رولف شتوكي R. Stucky، أجرت بعض الأسبار العميقة على منحدر التل، تبين من خلالها أن أقدم مراحل السكن في الموقع تعود إلى عصر أوروك المتأخر، ثم العصر البرونزي المبكر، يليه العصر البابلي القديم (نحو ١٧٠٠ق.م)، وظل مسكوناً على نحو متواصل حتى القرن الرابع للميلاد، فيما ظهرت بعض اللقى العائدة للعصرين البيزنطي والإسلامي الأموي.

مخطط طبوغرافي لتل الحاج

تتضمن أقدم طبقة أثرية -والتي ترجع إلى عصر أوروك (أواخر الألف الرابع ق.م)- بقايا أبنية كشفت في منحدر التل من جهتيه الشرقية والغربية، عثر فيها على مجموعة من اللقى، من أهمها الأواني الفخارية الناقوسية، والجرار المصقولة والمطلية بالأحمر والمزودة بعرى، ودمية عيون من الحجر الكلسي عليها بقايا طبقة من الطلاء الأحمر بين العينين، يمكن مقارنتها مع لقى مشابهة اكتشفت في تل حبوبة المجاور، لكن الموقع تميز بوجود الإناء النذري المعروف باسم (كرنوس) والمزين من الأمام بشكل حيوان مفترس بوضعية الجلوس.

تل الحاج من الجهة الشرقية قبل الغمر

اقتصرت مكتشفات طبقة عصر البرونز المبكر (الألف الثالث ق.م)على بعض كسر الأواني الفخارية، فيما تضمنت طبقة العصر البرونزي الوسيط بقايا تحصينات ضخمة تم الكشف عنها في المنحدر الشرقي للتل، وإلى هذه الفترة تعود بعض الدمى الطينية والأواني الفخارية التي عثر عليها؛ مما يدل على وجود أهمية وازدهار كبير للموقع خلال هذا العصر.

من مكتشفات الطبقة التي تعود إلى عصر الحديد (القرنين الثامن والسابع ق.م) مجموعة من كسر الأواني الفخارية المزججة والمزينة بمثلثات بيضاء وصفراء، والتي تعود إلى فترة الغزوات الحربية الآشورية لسورية وفلسطين، وهناك مجموعة من الفخار القبرصي المطلي بالأحمر والأسود؛ مما يشير إلى أهمية تل الحاج خلال هذا العصر وارتباطه بعلاقات واسعة.

دمية فارس يمتطي حصانه (تل الحاج - القرن الثاني ق.م)

في الطبقة التي يعود تاريخها إلى العصر الإخميني تم الكشف عن بعض الألواح الفخارية المصنوعة بالقالب، وتمثل الآلهة عشتار، وهناك مجموعة من الدمى الطينية للفرسان، علاوة على بعض بقايا الأطباق الأتيكية المطلية بالأسود والتي يعود تاريخها إلى فترة الإسكندر الكبير.

في الطبقات العائدة إلى العصرين الهلنستي والروماني تم الكشف عن مجموعة من البيوت وعن منطقة عسكرية وتحصينات تتضمن سوراً داخلياً متيناً بني من اللبن على أساس من الحجارة يتقدمه جدار مائل (منزلق) يعزل المنطقة العسكرية عن الأحياء السكنية، كما تم الكشف عن إحدى بوابات السور التي يمتد منها شارع ليصل بين أسفل المدينة وأعلاها، علاوة على أحد الأبراج الدفاعية الذي أنشئ في القرن الرابع أو الخامس الميلادي. وعثر أيضاً في الجانب الخلفي من سور المدينة على أكوام تضم كل منها ما بين ١٠-١٥ قذيفة منجنيق، وهي من الحجارة الكروية الشكل ذات أحجام صغيرة وكبيرة. وتدل هذه المكتشفات على الأهمية العسكرية لموقع تل الحاج في العصر الروماني خلال القرنين الأول والثاني للميلاد خاصة.

وقد عثر في الأحياء السكنية على مجموعة من الأواني الفخارية المختومة، والمطلية بالأحمر وأواني الطبخ ذات السطح الخارجي الأسود، وبعض المسارج والأواني البرونزية. وفي أحد البيوت تم الكشف عن رسومات جدارية، استخدمت فيها ألوان الأحمر والأزرق والأخضر والأصفر، وهي تدل على الازدهار المادي الذي كان ينعم به قاطنو تل الحاج خلال العصر الروماني، ومن المؤكد أن الموقع كان يضم معسكراً رومانياً أقامت فيه عدة فرق عسكرية لحراسة الحدود الشرقية للامبراطورية الرومانية أنشئ خلال القرن الأول للميلاد على يد فرقة اضطرت إلى مغادرته إلى فلسطين قبل عام ٨٨م، وهذا ما تدل عليه مجموعة من النصوص الكتابية وأسماء الفرق الرومانية (ومنها الفرقة الثانية)المختومة على الآجر، وأسماء الأشخاص اليونانية والرومانية المنقوشة على جذع عمود من الحجر الكلسي بالخط اليوناني، ومن هذه الأسماء: كوهورس، سيكوندا فيديليس، بريما بيلياريا تراكوم، وبالمقارنة بالكتابات المكتشفة في موقع دورا أوروبوس[ر] (صالحية الفرات)-الذي يُعدّ من أهم المعسكرات الرومانية في القرنين الثاني والثالث- يتبين تشابهها وكتابات تل الحاج ليس فقط في الأسماء نفسها؛ بل في عبارات التمني والذكريات أيضاً.

تظهر المرحلة المتأخرة من استيطان الموقع خلال العصر الروماني وجود سورين دفاعيين: الأول خارجي، والثاني داخلي، إضافة إلى شبكة واسعة من الطرقات الخدمية. لكن أهمية الموقع تراجعت مع مطلع العصر البيزنطي ليقتصر السكن على المنطقة المرتفعة من التل، فيما تحولت الأحياء السكنية في أسفل التل إلى منطقة مدافن. أما آخر الأدلة على استيطان الموقع فهو بعض القطع النقدية البرونزية التي تعود إلى العصر الأموي.

تأتي أهمية الموقع من وقوعه على نهر الفرات ومن كونه عقدة مواصلات تجارية وعسكرية خلال العصر الروماني، وبحسب معطيات بطلميوس الجغرافية، وتبعاً للمسافات المثبتة على خريطة بوتنجر المعدة لضباط الجيش الروماني؛ من المتوقع أن يكون تل الحاج هو نفسه مدينة «إراجيزا» Eragiza، وربما كان هو نفسه مدينة «أرازيقِِ» Araziqi التي ورد ذكرها في النصوص الكتابية المصرية في قائمة المدن على جدار معبد الكرنك من عهد تحوتمس الثالث، ووردت في الحوليات الآشورية في عهد تجلات - بلاصر[ر] الأول(١١١٧- ١٠٧٧ق.م) وأدد –نراري [ر] الثاني (٩١٢- ٨٩١ق.م) فضلاً عن كتابات تل عطشانة [ر] التي تجعل من فتح نقميبا ملك حلب في القرن السابع عشر ق.م لمدينة أرازيق تجعل منه حدثاً تؤرَّخ به أحداث أخرى.

أحمد فرزت طرقجي

مراجع للاستزادة:

- رولف شتوكي، «تقرير أولي عن نتائج تنقيب البعثة السويسرية في تل الحاج (حوض الفرات)» ترجمة قاسم طوير، مجلة الحوليات الأثرية العربية السورية، دمشق، المجلد ٣٢، ص ص ٥٧٣ - ٨٧٣.

- رولف شتوكي، «الموسم الثاني للتنقيب في تل الحاج (حوض الفرات)»، ترجمة قاسم طوير، مجلة الحوليات الأثرية العربية السورية، دمشق ٥٧٩١، المجلد٥٢، ص ص ٩٤٢ - ١٥٢..

- دليل معرض مكتشفات الحملة الدولية لإنقاذ آثار الفرات، إعداد المديرية العامة للآثار والمتاحف، دمشق ١٩٧٥.

 


التصنيف : العصور التاريخية
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1042
الكل : 58491706
اليوم : 64220