logo

logo

logo

logo

logo

جرش

جرش

Jerash - Jérash

 جرش

جرش

 

 

تقع مدينة جرش Jerash-Gerasa في شمالي الأردن على بعد ٤٢ كم شمال مدينة عمان (العاصمة)، وقد أنشئت في موقع جغرافي متميز على أرض غير مستوية. تتميز هذه المدينة بطقسها المعتدل وبخصوبة أراضيها التي يرويها نهر تشكله مياه الينابيع المجاورة، مما أكسبها مكانة استراتيجية وتجارية كان لها الدور في اكتسابها تلك الأهمية خلال العصور الكلاسيكية. وتعد جرش من المدن العشر (الديكابوليس) Dekapolis التي شكّلها القائد الروماني بومبيوس[ر] Pompeius بعد احتلال سورية سنة 64 ق.م. بدأ الاهتمام بها من قبل الرحالة الأوربيين منذ بداية القرن التاسع عشر، وعملت بها عدة بعثات أثرية أهمها الأردنية والبريطانية والأمريكية والفرنسية.

يعود الاستيطان في هذا الموقع ربما إلى بداية العصر الهلنستي، حيث تم تدعيم المدينة بسور فيه عدة بوابات ضخمة خلال العصور الكلاسيكية، لكن أهمها وأفضلها حفاظاً على حالتها هي البوابة الجنوبية والبوابة الشمالية التي هي أصغر منها. وأعيد تأسيس المدينة في القرن الأول الميلادي وفق مخطط منتظم، تتقاطع فيها الشوارع الرئيسة وهي الكاردو Cardo المتجه من الشمال إلى الجنوب بطول ٨٠٠ م، بدءاً من البوابة الشمالية للمدينة حتى الساحة البيضوية، وتم تبليطه بالحجارة الضخمة، وزينت الأعمدة من الطراز الإيوني طرفيه، وتم توسيعه في القرن الثاني الميلادي، كما استبدلت ببعض التيجان الإيونية أخرى كورنثية الطراز، أما شارع الديكومانوس Decumanus فيتجه من الشرق إلى الغرب بعرض ٨-٩ م. ويتقاطع الشارعان مع شوارع ثانوية أخرى تؤلف بينها وحدات سكنية ذات أبعاد متساوية، حيث تقع معظم المباني المهمة في النصف الغربي من المدينة، أما المنطقة الشرقية فعدد المباني فيها قليل، شغلت على الأغلب بأحياء سكنية.

 

صارت المدينة جزءاً من الولاية العربية سنة ١٠٦م، بني فيها وعلى شرف زيارة الامبراطور هادريانوسHadrianus لها سنة ١٢٩م قوس كبيرة في الجهة الجنوبية منها. وأجريت على مخطط المدينة خلال القرن الثاني الميلادي تحولات معمارية كبيرة، فتم توسيعه باتجاه الجنوب، كما عاشت المدينة نهضة عمرانية في القرن الثالث الميلادي، وحصلت على حقوق المستعمرة، إلا أن المدينة تضررت من جراء الأحداث التي عاشتها المنطقة إثر سقوط مدينة تدمر.

قدر عدد سكان جرش في العصر الروماني بنحو ١٥٠٠٠ نسمة، وبلغت مساحتها ضمن الأسوار قرابة ٨٥ هكتاراً. وفي الموقع عدد من المباني الأثرية المهمة منها معابد للإله زيوس[ر] Zeus، وأخرى للإلهة أرتميس[ر] Artemis، وسوق وحمامات وكنائس...إلخ، لكن تضررت المباني العائدة إلى العصر الروماني خلال العصر البيزنطي، إذ تحول بعضها كالمعابد مثلاً إلى مقالع لبناء الكنائس الجديدة.

منظر عام لجرش

المباني الأثرية :

شارع الأعمدة أو الشارع المستقيم: وهو الشارع الرئيسي في مدينة جرش الرومانية وطوله ٨٠٠ م، يتألف من سلسلة من الأعمدة التي تحمل التيجان الكورنثية على غرار بقية المدن الأخرى في بلاد الشام خلال العصر الروماني.

البوابة الجنوبية (بوابة فيلادلفيا): تعد من المباني المهمة في هذا الموقع، بنيت في القرن الثاني الميلادي ودمرت سنة ٢٦٨م.

مجمع زيوس المقدس في جرش:

يقع مجمع زيوس الضخم على تلة كبيرة إلى اليسار من الشارع الجنوبي للساحة البيضوية، ويعود بناؤه إلى النصف الثاني من القرن الثاني للميلاد. ويتألف المعبد من مدخل وفناء مقدس temenos تصل مساحته إلى ١٠٠×٥٠ م، وهو محاط من جهاته الأربع بأروقة مقنطرة، يتم الدخول إليه من ثلاثة أبواب من ثلاث جهات الجنوب والشرق والشمال.

يضم الفناء المقدس في الجهة الشمالية مذبحاً ضخماً، وقد بينت التنقيبات التي تمت في الموقع أن هذا الجزء يعود إلى فترة أقدم (٤٠-٥٠ م). أما هيكل زيوس فيقع في الجهة الغربية منه، حيث تقود عدة سلالم إلى مصطبة مرتفعة تبلغ٤١ م طولاً، و٢٨ م عرضاً، تحيط به الأعمدة الكورنثية من جهاته الأربع (ثمانية في كل من الرواقين الأمامي والخلفي، و١٢عموداً في كل جانب، وفي الجهة الشرقية منه عدة قناطر تحت سطح الأرض ما تزال في حالة جيدة من الحفظ.

معبد أرتميس:

يعد معبد أرتميس من أهم المعالم الأثرية الضخمة في مدينة جرش القديمة، يعود إلى أرتميس ابنة الإله زيوس وإلهة مدينة جرش الرومانية. من المرجح أنه يعود إلى القرن الثاني الميلادي، حيث ازدهرت المدينة وخاصة من النواحي العمرانية، يمكن الوصول إلى المعبد عن طريق الكاردو المحاذي للساحة البيضوية التي تقود إلى مدخل المعبد الأمامي عبر عدة أدراج، وهناك تنتصب أربعة أعمدة كورنثية ضخمة، ويوجد في كل جهة صف من الأعمدة أصغر حجماً عددها ١٣عموداً.

معبد حوريات الماء

تقع ساحة المذبح الرئيسة فوق مصطبة على ارتفاع ١٤م عن أرضية الكاردو، وتضم في الوسط مذبحاً على شكل حرف ويتم الوصول إلى فناء المذبح من الفضاء المقدس المحيط بالهيكل عبر عدة سلالم مقسمة إلى ثلاث مجموعات من الدرجات، وتضم كل مجموعة تسع درجات، بلغ ارتفاعها معاً سبعة أمتار.

يتألف الفناء المقدس من رواق محمول على صف من الأعمدة الكورنثية، يضم ٢٢ عموداً، وفي زاوية كل طرف برج، كما يحيط بالهيكل رواق معمد أيضاً من كل الجهات، وما يزال بحالة جيدة حتى الآن ولاسيما في الجهة الجنوبية منه.

أما الهيكل فقد شيد فوق منصة ٤٠ م طول × ٢٢ م عرض، ويحيط بالهيكل رواق معمد من كل الجهات (ستة أعمدة في الرواق الأمامي والخلفي، وأحد عشر عموداً في كل جانب، وزينت جدرانها من الخارج بتماثيل نصفية في كل زاوية ومن الداخل بمحاريب).

استخدمت المنطقة المحيطة بالمعبد استخداماً واسعاً في العصرين البيزنطي والأموي وتمت الاستفادة من حيز الفناء المقدس لأغراض دينية فبنيت كنيسة بيزنطية في القرن السادس الميلادي، كما استخدم العرب ساكنو مدينة جرش معبد أرتميس نفسه، وأعادوا بناء بعض الجدران الخارجية ليتحول إلى حصن، لكن احتلت بعض القوات الصليبية في القرن الثاني عشر المكان وألحقت الضرر بالعديد من أجزائه.

سبيل الماء (النيمفايوم) Nymphaeum:

نبع ماء عام تم تكريسه لحوريات الماء، بني في القرن الثاني الميلادي، وهو واحد من المعالم الأثرية الصغيرة العامة في جرش، كما أنه من أكثر المباني القديمة التي تمتلك تزييناً زخرفياً دقيقاً ورائعاً، وهو حوض رخامي فخم يتألف من طابقين، ويضم نوافير للمياه، ويزين الرخام الجزء السفلي من واجهاته البديعة، في حين تزين أعلاها زخارف هندسية رائعة التكوين.

المسارح:

تضم مدينة جرش مسرحين، أحدهما المسرح الجنوبي الذي يتسع لنحو ٣٠٠٠ شخص، أما المسرح الشمالي فيتسع لنحو ١٦٠٠ شخص، كما تحوي المدينة ملعباً بطول ٢٤٤ م، لكنه أصغر من ملعب مدينة جدارة (أم قيس) التي تقع بجوارها، وتعد كذلك واحدة من المدن العشر. أما المسرح الشمالي فنقبت فيه بعثات بريطانية -أمريكية وأسترالية في أجزاء عديدة منه في سنتي ١٩٨٢-١٩٨٣م. يعتقد أنه بني في سنة ٦٤/٦٥ م، وكان على الأغلب مسرحاً مغلقاً (أوديون) Odeon. تم تعديل المكان أكثر من مرة، وربما تم توسيعه أيضاً في الربع الأول من القرن الثالث الميلادي، ولكن فقد هذا المسرح وظيفته تدريجياً في الفترة الممتدة من القرن الخامس حتى القرن السادس الميلادي.

مسرح جرش

يضم المسرح أجزاء رئيسة تعود إلى القرن الثاني الميلادي، كالرواق الخلفي لواجهة المسرح والجزء السفلي من المدرج المؤلف من 14 صفاً من المقاعد الحجرية، كذلك الممرات الجانبية المقنطرة التي تقود إلى وسط الأوركسترا، والمداخل العلوية المقنطرة التي تسمى فوميتوريا vomitoria ، وعددها خمسة مداخل تقود إلى داخل المسرح وخارجه، وهي مزينة بمحاريب.

في الربع الأول من القرن الثالث الميلادي تم تقسيم المدرج إلى أربعة أقسام تفصل فيما بينها مجموعة درجات، وتؤدي مباشرة إلى المداخل العلوية.

وأخيراً المسرح الجنوبي الذي يعد من أكثر المباني روعة في مدينة جرش نظراً إلى أعمال الترميم الواسعة التي نفذت فيه، والتي بدأت في القرن الأول واستمرت حتى القرن الثاني الميلادي، وقد تم تمويله جزئياً من قبل أغنياء المدينة.

الساحة البيضوية

قسّم مدرج المسرح Cavea إلى قسمين، تفصلهما مصطبة تمتد على طول امتداد المدرج، حفر القسم السفلي بالتلة، وبني النصف العلوي فوقها، وتم تقسيم النصف السفلي من خلال مجموعة سلالم إلى أربعة أقسام، يتألف كل قسم من 14 صفاً من المقاعد، وقد حفرت أسفل المقاعد الواقعة في القسمين الخارجيين منها أرقام باللغة اليونانية، أما القسم العلوي فهو مقسم إلى ثمانية أقسام تفصل فيما بينها أيضاً مجموعة سلالم، ويتألف كل قسم من 14 صفاً من الأدراج أو أكثر ويتسع المدرج لأكثر من 3000 مشاهد.

مضمار الخيل (الهيبودروم) Hippodromus‏: يقع إلى اليسار من قوس هادريان ثم يمتد نحو الشمال، وهو على شكل حرف U، يتألف من مدرجات مشيدة في ثلاث جهات مرفوعة على أقبية، وهي تستعمل لسباق الخيل والعربات ذات الحصانين أو الأربعة.

ساحة الندوة (أغورا Agora): من أهم العناصر العمرانية في هذا الموقع، وهي ساحة مفتوحة في وسط المدينة، شكلها بيضوي، محاطة بأعمدة تحمل تيجاناً رائعة، وتتميز مدينة جرش من بقية المدن بامتلاكها مثل هذه الساحة ذات الشكل الفريد.

الكاتدرائية: وهي ذات بوابة حجرية ضخمة غنية بالزخارف النباتية والهندسية الجميلة، يعتقد أنها كانت في الأساس معبداً وثنياً خلال العصر الروماني، ولكنها تحولت إلى كاتدرائية خلال العصر البيزنطي في القرن الرابع الميلادي.

بركتا جرش: بنى الرومان البركتين لنقل المياه إلى قلب المدينة بنظام يشتمل على أنابيب فخارية وقنوات حجرية، ويحيط بالبركتين مدرج حجري.

المسجد الأموي في جرش: يقع على إحدى زوايا تقاطع الشارع الرئيسي «الكاردو» مع الشارع الفرعي «الديكومانوس»، تم الكشف عن هذا المبنى في عام ٢٠٠٢ م، ويعود تاريخ بناء المسجد إلى القرن الثاني للهجرة/ الربع الثاني من القرن الثامن الميلادي.

المسجد الحميدي: يعد هذا المسجد من المباني المهمة في مدينة جرش، اتخذ هذه التسمية نسبة إلى السلطان العثماني عبد الحميد الثاني، وقام الشراكسة ببنائه عام ١٣٠٥هـ/ ١٨٨٧م بعد عام واحد على استقرارهم بجرش، وهو محاط بالآثار الرومانية في جهتيه الشمالية والغربية، ويشرف على المدرج الروماني وشارع الأعمدة، وله مئذنة دائرية حجرية بارتفاع ١٥ متراً، ويتسع لنحو ١٥٠٠ مصلٍّ.

مأمون عبد الكريم

 

مراجع للاستزادة :

- هيغ كينيدي، جرش وبيسان: السلطة والحماية في المدن البيزنطية في بلاد الشام، المدينة في سورية وأقاليمها: الموروثات والمتحولات، ترجمة محمد دبيات (دمشق٢٠٠٤).

- J. Seigne, Jerash romaine et byzantine: développement urbain d’une ville provinciale romaine, SHAJ, 4, (Amman, 1992), pp.331-341.

- J.seigne, Les limites orientale et méridionale du territoire de Gérasa, Syria, 74, (1997), pp.121-138.


التصنيف : آثار كلاسيكية
المجلد: المجلد الرابع
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1060
الكل : 58492273
اليوم : 64787