التزجيج في العصر الإسلامي

أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ض ط ظ ع غ ف ق ك ل م ن هـ و ي

التزجيج في العصر الإسلامي

تزجيج في عصر اسلامي

-

التزجيج

شعلان طيار

التزجيج في العصر الإسلامي

التزجيج هو طبقة طلاء شفافة تتم إضافتها إلى الآنية فوق طبقة الطلاء الأساسية؛ لجعل الطلاء يلمع. وقد استخدمت هذه التقنية على الفخّار في الأصل لإضفاء وظيفة عملية إلى الآنية، ثم صارت عنصراً جمالياً إلى جانب ما تؤديه من الناحية العملية .

وهي تقانة رافقت عملية تصنيع الآنية الفخارية، فعلى الرغم من تمكن الإنسان من تطوير تقانة تصنيع الآنية الفخارية، والبحث عن أفضل أنواع التربة للحد من عملية النفوذ والرشح المسامي؛ فقد بقيت هذه المشكلة قائمة نظراً للطبيعة الحبيبية للتربة الغضارية، هذا إلى جانب صعوبة تنظيف آنية الطهي الفخارية؛ نظراً لترسب بقايا الطعام في المسامات الفخارية وتعفنها وإفسادها لمحتوى الآنية من الطعام عند الطهي الثاني.


إناء زجاجي من القرن ٢-٣هـ/٧-٨ م	آنية من العصر الأيوبي مصنوعة في الرقة

إناء من القرن ٢-٣هـ/٧-٨ م	صحن من العصر الأيوبي ذو بريق معدني

وقد وجد الإنسان ضالته-للتغلب على هذه الصعوبات-إثر اكتشافه لمادة التزجيج الرصاصي الشفاف، الذي شكّل نوعاً من أنواع البطانة التي تطلى بها السطوح الداخلية أو الخارجية للآنية الفخارية، وتعمل على سدّ المسامات وإكساب السطح المظهر اللماع والبراق.

هذا وقد تم العثور في بلاد ما بين النهرين على العديد من اللوحات الجدارية الملونة المزججة باللون الأزرق الفاتح، والمؤرخة في سنة ٤٠٠٠ ق.م. في حين أن أقدم دليل كتابي مدون على أحد الرقم الطينية التي كانت تشير إلى النسب التي اعتمدها صناع الفخار في بلاد ما بين النهرين في تحضير التزجيج يعود إلى القرن السابع عشر قبل الميلاد.


طبق مزجج بأكسيد النحاس من القرن 4هـ/10 م	طبق مزجج بأكسيد الحديد ذو بريق معدني بطلاء زبدي اللون	طبق خزفي مزجج بأكسيدي الحديد والنحاس

وهنا تجدر الإشارة إلى النقلة النوعية في مجال التزجيج التي حدثت في بلاد فارس خلال العصرين الأخميني والبارثي، وما رافقها من تطور في تقانات التصنيع في سورية من قبل صناع الزجاج الإغريق ٣٣٢-٦٤ ق.م؛ ومن ثم الرومان والبيزنطيين ٦٤ ق.م – ٦٣٦ م الذين عملوا على تطوير نمطية التشكيل والتلوين الزجاجي؛ ولاسيما في مجال التحول نحو تصنيع الفسيفساء الزجاجية المستخدمة في تزيين الأرضيات واللوحات الجدارية، وذلك من خلال طلاء الحصى الحجرية أو الفخارية بطبقة زجاجية ملونة، تم اعتمادها في رصف المشاهد واللوحات التزيينية وتشكيلها.


آنية مزججة من الرقة	مجموعة أوانٍ من الرقة مزججة بأكسيد الحديد (متحف اللوفر)	كأس من الزجاج ذات بريق معدني من العصر العباسي

غير أن التطور الأهم- في مجال الصناعات الزجاجية سواء منها الخدمية أم التزيينية- قد تجلّى في الفترة الإسلامية؛ إذ وجد الحرفيون في مادة الزجاج المطواع القابل للتشكيل والتلوين الأداة المثلى القابلة للاستخدام والانتشار في المجتمع الإسلامي الذي كان يرفض استخدام الآنية الذهبية والفضية لاعتبارات فقهية وشرعية، مع وجود الرغبة في مواكبة عملية التطور الحضاري في المنطقة. وقد عمل الصناع المسلمون على تطبيق تقانات التصنيع والتلوين الخزفي على الآنية الزجاجية؛ ومن ثم الدخول في مجال المنافسة والابتكار.


مشكاة من العصر المملوكي	مشكاة السلطان حسن	مشكاة من العصر المملوكي

	قطعة من الزجاج تعود إلى القرن 7 هـ/13 م

يتميز التزجيج الإسلامي بالتجديد على الصعيد الفني والجمالي والخدمي والغنى والتنوع اللوني، خاصة في مجال التزجيج الرصاصي الملون الشفاف؛ الذي يصنّع من خلال مزج نسبة ٦٠-٧٠٪ من أكسيد الرصاص مع ٣٠-٤٠٪ من الرمل الصواني، قبل أن يتم صهره في الفرن حيث يتحول بعد التبريد إلى قوالب وكتل شبه زجاجية شفافة قابلة للتلوين الشفاف من خلال إضافة بعض الأكاسيد المعدنية الملونة، مثل (أكسيد الحديد الذي يكسبها اللونين البني والأصفر، النحاس= الأخضر، المغنزيوم = الأرجواني والبني)، فقد كان يتمّ سحقها وطحنها-من أجل تشكيل طبقة طلاء رقيقة- على شكل مزيج معلق بالماء، يضيف إليه الخزافون عادة بعض المواد العضوية التي من شأنها تسهيل عملية مد المعلق وتثبيته على السطح العادي أو المطلي والملون. وهذا يتم باستخدام الفرشاة، أو بوساطة تغطيس الآنية بالمحلول الزجاجي. وبعد هذا يتم تعريض الآنية لدرجة حرارة شي تعادل ١١٠٠مo، والتي تكسب السطح نوعاً من البريق واللمعان وسدّاً للمسام السطحية في جسم الآنية الفخارية؛ ولاسيما المطبخية المعتمدة في الطهي وحفظ السوائل، وقد اعتمد التزجيج بوصفه تقنية جمالية تهدف إلى حماية البطانة أو الطلاء االأساسي وكذلك الألوان السطحية من التأثر بالعوامل الجوية الخارجية.


زخارف القاشاني في الرواق الشرقي من التكية السليمانية	زخارف القاشاني في سبيل جامع الدرويشية	زخارف القاشاني في التربة الدرويشية (الجدران الداخلية)