logo

logo

logo

logo

logo

الثريا

ثريا

-

 الثريا

الثريا

 

 
 

الثريا Chandelier تعني في اللغة العربية النجم، وفي الفلك عنقود يحتوي على بضع مئات من النجوم يظهر منها ستْ فقط، وفي الفن أداة من أدوات الإضاءة تعلق في السقوف استخدمت في الكنائس والأديرة ثم أصبحت في الفن الإسلامي منارة متعددة المصابيح تعلق بالسقوف وتنار بها في البيوت الكبيرة والقصور، وتسمى أيضاً النجفة، كما أطلق عليها اسم التنور في العصر المملوكي، وتجمع: ثريات.

ولأهمية هذه الصناعة فقد حظيت برعاية واهتمام السلاطين والأمراء مما جعل صناع المعادن يطورون معارفهم بهذه الصناعة ويبدعون ويبتكرون بها في العصور الإسلامية كلها ابتداءً من العصر الأموي فالعباسي فالفاطمي فالسلجوقي فالأيوبي فالمملوكي وانتهاءً بالعصر العثماني سواء من حيث الشكل أم من حيث أسلوب الصناعة والزخرفة؛ فقد استخدموا أساليب مختلفة في الصناعة كالسحب والطرق والصبّ في القوالب كما استخدموا طرقاً متنوعة في الزخرفة (كالحز والحفر والتفريغ والتكفيت[ر] والتمويه [ر] بالذهب والفضة)؛ إذ تميزت العناصر الزخرفية المطبقة على المعادن بما فيها الثريات بتنوعها وتعدد موضوعاتها كالزخارف النباتية والهندسية ورسوم الكائنات المحوّرة إضافة إلى الزخرفة العربية المورّقة والزخارف الكتابية.

 
قناديل مسجد السلطان حسن - القاهرة  ثريا حرم جامع جمال الدين - القاهرة  القناديل في حرم مسجد السلطان حسن - القاهرة 
 

ولعل تعدد مراكز صناعة المعادن والحاجة إلى الأثاث الفاخر والأدوات المعدنية المميزة سواء في المنازل والقصور أم في المساجد والمدارس والترب ساهم في تعدد المنتجات المعدنية كالمجوهرات والأسلحة والصناديق والأطباق والقدور والأباريق والشمعدانات والقناديل والثريات التي تعد من أهم التحف المعدنية التي استخدمت في العصور الإسلامية، وصنعت من معادن مختلفة كالنحاس والبرونز، وزوّقت بالذهب أو الفضة، ونالت أهمية خاصة ومميزة بين المنتجات المعدنية لهذا العصر وذلك لاستخداماتها المتعددة وقيمتها العالية؛ إذ كان لها قيمة وظيفية وجمالية في الوقت ذاته كونها استخدمت وسيلة إنارة في الأماكن ذات المساحات الواسعة بحيث كانت تتناسب مع حجم الفراغ المعماري كالمساجد والقصور، كذلك استخدمت لتزين هذه الأماكن بحيث تضفي عليها جمالية خاصة، وذلك لجمال أشكالها وأناقة مظاهرها وغناها بالزخارف (النباتية والهندسية والكتابية)، إضافة إلى حرفيتها العالية التي تتطلب دقة كبيرة في الصناعة، وكان التناسب بين الكتلة المعمارية وأسلوب التفريغ والضوء المنبعث منها. إضافة إلى ذلك فإن هذه الثريات تعد غالباً وثيقة تاريخية مهمة كون معظمها حمل اسم السلطان أو الأمير الذي أمر بصناعتها.

ثريات جامع السلطان بايزيد - اسطنبول
 

تعددت أشكال هذه الثريات وتنوعت طرزها؛ فمنها ما هو هرمي الشكل تعلوه قبة مفصصة كثريا قصر الحمراء في الأندلس وثريا مدرسة العطارين في طرابلس وثريا السلطان قايتباي في القاهرة وثريا السلطان بايزيد الثاني في إسطنبول، ومنها ما هو أسطواني مضلع كثريات مسجد السلطان حسن، والثريا التي تعود إلى السلطان قانصوه الغوري في القاهرة. وعلى الرغم من ندرة هذه التحف إلا أن متاحف الفن الإسلامي تحتفظ بعدد من النماذج معظمها يرجع إلى العصرين المملوكي والعثماني، كالثريات المحفوظة في متحف الفن الإسلامي في القاهرة، وتعود إلى العصر المملوكي وهو العصر الذهبي لصناعة المعادن، ومن أهمها ثريا من النحاس الأصفر المخرم (ارتفاعها 260سم وقطرها 107سم)، وهي تضم اثنتي عشرة ضلعاً وتتألف من أربع طبقات مزينة برسوم هندسية الشكل وأطباق نجمية وعليها كتابات بخط النسخ، إحداها باسم «المقر الكريم العالي المولوي الأميري الكبيري الأجلي المحترمي المخدومي الغازي المجاهدي المرابطي المؤيدي قيسون الملكي الناصري عز أنصاره» وفي كتابة أخرى أنه من عمل المعلم بر بن أبي يعلا في سنة 730هـ /1330م وأنه فرغ منها في أربعة عشر يوماً. أما الصينية التي في أسفلها فقد نقش عليها كتابات باسم السلطان حسن المتوفى سنة 762هـ /1361م، ولذلك فهي أحدث من الثريا نفسها.

   
ثريا جامع القرويين - تونس  ثريا مسجد السلطان حسن فيالقاهرة 
 

وتعود إلى الفترة نفسها ثريا محفوظة بمتحف الفن الإسلامي في القاهرة (ارتفاعها 130سم وقطرها 54سم) وهي على هيئة هرم غير كامل، ولها ستة أوجه، وفي أسفلها تسعة عشر كوزاً أسطوانياً لوضع قناديل الزيت وفوقها خوذة عليها زخارف نباتية وكتابية من طراز زخارف الثريا نفسها. وقوام هذه الزخارف رسوم نباتية دقيقة مخرمة وتقوم فوقها جامات فيها رسوم من الرقش العربي والتوريق ودوائر فيها عبارة «الملك الأشرف قايتباي عز نصره». وفي أعلى الثريا وفي أسفلها شريط من الكتابة باسم السلطان قايتباي المتوفى سنة 901هـ /1496م وتنتهي حروف هذه الكتابة في أعلاها على هيئة المقص.

   
ثريا جامع قانصوه الغوري - القاهرة ثريا من النحاس في جامع السلطان قانصوه الغوري - القاهرة
 

واستمر إنتاج الثريات في العصر العثماني وظهرت فيها التأثيرات المملوكية، ومنها ثريا محفوظة في متحف الفنون الإسلامية والتركية بإسطنبول صنعت من النحاس المطلي بالذهب تعود إلى السلطان بايزيد الثاني (ت 918هـ/1512م). وتتخذ هذه الثريا شكل مخروط ناقص ذي ست أضلاع تعلوه خوذة مفصصة، ومن أسفلها سبعة أشكال أسطوانية لوضع قناديل الزيت، وقد زينت أضلاعها بزخارف نباتية تتكون من أوراق وأزهار ووريدات صغيرة ويتخللها عناصر من الزخرفة العربية المورقة نفذت بطريقتي الحز والتفريغ، وتزدان الخوذة التي تعلوها بزخارف نباتية من طراز زخارف أضلاع الثريا نفسها. وفي أعلى بدن الثريا وأسفله شريطان كتابيان بخط الثلث يتضمن السفلي منهما نصاً يشير إلى السلطان بايزيد الثاني، وذلك بالخط العثماني على أرضية من الزخارف العربية المورقة.

ومع دخول الكهرباء في العصر الحديث استفاد الحرفيون من الإنارة الصناعية لتشكيل وتصميم أنواع جديدة ومتميزة من الثريات فدخل الحديد والألمنيوم إضافة إلى النحاس، ودخل الكريستال والزجاج المنفوخ يدوياً والزجاج المعشق الملون في إنتاج أنواع جديدة من الثريات المختلفة من حيث أشكالها وزخارفها، من دون أن يعني ذلك تغيراً في الوظيفة الأصلية لهذه الثريات كوحدات مركزية للإضاءة داخل الفراغات المعمارية الكبيرة.

وفاء الجوابرة

مراجع للاستزادة:

- سعاد ماهر، الفنون الإسلامية (مصر 1986م).

- ربيع حامد خليفة، الفنون الإسلامية في العصر العثماني (مصر 2001م).

- دافيد تالبوت رايس، الفن الإسلامي (دمشق 1998م).

 

 

 


التصنيف : آثار إسلامية
المجلد: المجلد الرابع
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1048
الكل : 58491196
اليوم : 63710