logo

logo

logo

logo

logo

البارزي (تربة-)

بارزي (تربه)

-

البارزي (تربة -)

مجد حجازي

 

تقع تربة البارزي في قلب مدينة حماة القديمة ضمن حي الطيفوري الأثري، وتحيط بهذه التربة الحدائق والبساتين الغناء التي يجري من خلالها نهر العاصي الذي يبعد نحو 50م عن التربة.

وهي أحد أهم الترب التي مازالت قائمة في القلب التاريخي لمدينة حماة، وذلك بعد أن اختفى كثير من الترب ولم يبقَ منها إلا العدد اليسير بسبب المشاريع التنظيمية الحديثة.

صورة تظهر الموقع العام لتربة البارزي في مدينة حماة - يسار الصورة

يقع بناء التربة إلى الشرق من قصر العظم المعروف، ويتوصل إليها عبر زقاق طويل. وتتوضع التربة الآن وسط أبنية مضافة إليها كانت سابقاً مدرسة، وأصبحت اليوم روضة للأطفال.

الموقع العام

يؤرخ البناء نصان كتابيان نقشا بشكل بارز على حجرين كلسيين؛ الأول يقع- وبشكل جانبي- في الجدار بين المدخل الخارجي للمدرسة وبناء القبة، وكتابته بخط الثلث، وذكر في النص صاحب التربة والمتولي على البناء، أيضاً والنص يقول:

«1- بسم الله الرحمن الرحيم أمر بعمل هذه التربة المباركة الأمير الكبير مبارز الدين أقش عبد الله.

2- الملكي المنصوري تغمده الله برحمته بتولي العبد الفقير إلى الله تعالى المظفر بن التاج عفا الله عنه في.

على الجانبين 3- شهور سنة إحدى وسبعين وستمائة».

أما النص الثاني فهو يقع على يمين المدخل الشرقي حالياً، وكتب بخط الثلث، ويتألف من سطرين، وذكر التاريخ والمتولي في الجانبين، والنص يقول:

«1- بسم الله الرحمن الرحيم أمر بعمارة هذه التربة [والأزومة].

2- مبارز الدين أقش الملكي المنصوري تغمده الله برحمته.

وفي الجانبين: بتولي العبد الفقير إلى رحمة ربه المظفر بن التاج في شهور سنة إحدى وسبعين وستمائة».

وفقاً لهذين النصين فإن تاريخ البناء هو سنة 671هـ/1272م، وقد أقامه مبارز الدين أقش بتولي المظفر بن التاج، ومبارز الدين: هو أقش بن عبد الله مبارز الدين المنصوري أستاذ دار الملك المنصور الثاني (صاحب حماة) ونائب سلطنته، كان متحكماً في دولته لا يخالفه فيما يشير به، له الإقطاعات الوافرة والكلمة النافذة، توفي في يوم الخميس الرابع من ذي الحجة سنة اثنتين وسبعين وستمئة، وقد نيف على الأربعين سنة. كان أميراً مشهوراً بشجاعته وكرمه وطباعه الحميدة، وبعد موته حزن عليه الملك المنصور الثاني كثيراً ونقل إقطاعاته لأولاده من بعده. ويتبين من ذلك أن مبارز الدين هو من بنى تربته بنفسه قبل وفاته بسنة واحدة فقط.

قبة التربة من الداخل

أما المظفر بن التاج فكان وزيراً بحماة بدولة الملك المظفر الثاني محمود، وفي دولة ولده الملك المنصور الثاني محمد؛ وهو بهاء الدين بن التاج طبقاً لما ذكره أبو الفداء.

الكتابة التأسيسية الأولى المنقوشة على لوح حجري يقع بين روضة البارزي وبناء التربة

وتدل سجلات المحكمة الشرعية على أن هذه التربة تحولت إلى مدرسة قرابة سنة 1009هـ/1600م، وقد استمرت على هذه الحال إلى أن تم اتخاذها مقراً لروضة أطفال تحت إشراف جمعية أعمال البر الإسلامية بحماة التي أسسها سنة 1918م مفتي حماة الأسبق الشيخ سعيد النعسان، وكانت بإدارة ابنته المعلمة ابتسام النعسان.

والجدير ذكره أن العامة تنسب هذه التربة إلى البارزي (بنقص الميم من أول الكلمة)، وهو أمر خطأ، والصواب المبارزي.

شكل البناء مستطيل، يتكون من قسمين: الأول فراغ التربة، وهو بشكل مربع تقريباً، والثاني غرفة ملحقة بالتربة. والبناء مرتفع عن أرضية الباحة المحيطة بنحو 1م، ويتوسط فراغَ التربة قبرٌ مستطيل تم إزالة التركيبة الضريحية التي كانت تعلوه مؤخراً، فأصبح بسوية الأرض التي تم تبليطها ببلاط من الحجر الكلسي المصقول.

تم البناء بوساطة حجارة متنوعة (كلسية وبازلتية) متوسطة وصغيرة الحجم، مقطوعة ومنحوتة على نحو جيد ودقيق، ونوع الحجارة وطرائق البناء وأساليبه توضح المراحل التي مرَّ بها بناء التربة خلال مختلف الفترات التاريخية.

تربة البارزي ويظهر قصر العظم عن يمينها

يقع الباب الرئيسي للتربة في الواجهة الغربية، ولكنه سُدَّ تماماً ولا يستعمل حالياً، ويتم الدخول للتربة عبر بابين؛ الأول مُحدث في الواجهة الشرقية ويصعد إليه بأربع درجات، وهذا الباب كان في الأصل نافذة، وهو ما تظهره بوضوح الآثار الموجودة على الحجر في الأطراف. أما الباب الثاني فهو جانبي، يقع في الجدار الشمالي للتربة، وهو يفصل بين التربة وغرفة مجاورة ملاصقة لها من أصل البناء. ويحوي الجدار الجنوبي نافذة واحدة فقط مستطيلة الشكل ومحمية بشبك حديدي.

الواجهة الغربية

تم إكساء الجدران الداخلية باللياسة التقليدية، وتركت مناطق انتقال القبة المكونة من أربعة مثلثات مقلوبة ظاهرة من دون لياسة. وتغطي التربة قبة مرتفعة ترتكز على جدران البناء الثلاثة (الشمالي والشرقي والغربي) وقنطرة في الجهة الجنوبية، وترتكز القبة على عنق مثمن يرتفع 240سم، تتخلله اثنتا عشرة نافذة، وفوق العنق تتوضع القبة المفصصة بأربع وعشرين ضلعاً مبنية من القرميد، وتنتفخ أضلاعها بعرض 15سم، وتبرز من الخارج كما هو من الداخل، ويبلغ ارتفاع القبة نحو 3.25م، ويلاحظ أن المدماك النهائي من الخارج للجدران ولعنق القبة قد تم إنهاؤه بوساطة إفريز مبني من الحجر الكلسي الأبيض، ومنحوت بدقة وعناية متناهيتين وبنفس نوعية حجارة النوافذ والقناطر التي تتخلل العنق.

لابد من الإشارة إلى ذكر تربة البارزي في قصيدة (القسطنطونية) الواردة بديوان مخطوط للمؤرخ نوري باشا الكيلاني، نظمها وهو في الأستانة بعيداً عن مدينة حماة، جاء فيها:

والشيخ دخان كذا السواح قل

والبارزي بكمالها وثناها

وتعد هذه التربة إحدى طرز العمائر الجنائزية المميزة في محافظة حماة.

مراجع للاستزادة:

- أحمد الصابوني، تاريخ حماة (دار سعيد العاص، حماة 2011م).

- كامل شحادة، «الترب ومقامات الزيارة في حماة»، مجلة الحوليات الأثرية العربية السورية، المجلد الخامس والعشرون، ص ص. 159-194 1975م.


التصنيف : آثار إسلامية
المجلد: المجلد الثالث
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1052
الكل : 58492567
اليوم : 65081