logo

logo

logo

logo

logo

باغوس

باغوس

Baghuz -

الباغوس

همام سعد

 

تقع بلدة الباغوس على الضفة اليسرى لنهر الفرات و تبعد عن مركز محافظة دير الزور نحو ١٢٥كم وعن مدينة البوكمال ٢كم، وتنقسم إدارياً إلى ثلاثة أقسام وهي باغوس التحتاني وباغوس الفوقاني ثم مزرعة السفافنة، تبلغ مساحتها الكلية ٤٥٠٠ هكتار أما مساحة المخطط التنظيمي فهي ٩٥٠ هكتاراً، يبلغ عدد سكانها ٢٢٠٠٠ نسمة يعمل معظمهم في الزراعة وتربية الماشية.

أهمية هذه البلدة أنها تضم العديد من البقايا الأثرية التي لا يزال قسم منها ظاهراً ضمن باغوس فوقاني، إلا أنها لم تلقَ اهتماماً كبيراً مقارنة مع المواقع الأثرية المجاورة على الرغم من زيارة العديد من الباحثين والآثاريين للموقع منذ نهاية القرن التاسع عشر.

إن أول ذكر للتل يعود إلى العام ١٨٠٧م من قبل القنصل الفرنسي روسو Rousseau في أثناء رحلته من حلب إلى بغداد، وفي عام ١٨٥٠م تم تثبيت موقع الباغوس ضمن الخرائط المنجزة من قبل الامبراطورية البريطانية في تلك الفترة s، أما أولى المعلومات التي تطرقت للموقع من الناحية الأثرية فكانت عام 1909م من قبل ألكسندر غرهام بيل A. G. Bell الكاتب والسياسي والآثاري الإنكليزي الذي زار العديد من مناطق المشرق العربي ولا سيما المواقع الأثرية ومنها حفريات بابل، وكان بيل قد حدد موقع الباغوس على الحدود السورية العراقية مع ذكر موجز لوجود بقايا تعود إلى العصر الحجري الحديث néolithique والعصر البارثي.

بدأت الدراسات المنهجية في الموقع منذ سنة ١٩٣٤م من قبل الكونت دو مينيل دو بويسون R. du Mesnil du Buisson من خلال جامعة يال لموسم قصير الفترة في أثناء بحثهم عن مواقع عصر البرونز ومقابر العصر البارثي في التل، وخلال هذه الأعمال تم التقاط العديد من الكسر الفخارية الملونة من سطح التل. وبينت نتائج الأعمال أن الموقع يتألف من تل نيوليتي في المنطقة المنحفضة ومقبرة من الألف الثاني ق.م في المنطقة المرتفعة التي أعيد إشغالها خلال العصر البارثي- الروماني بمقابر أيضاً تألفت من أبراج ومدافن أرضية لا تزال بقاياها ظاهرة حتى الوقت الحاضر. وفي شهر نيسان من عام ١٩٣٦م عاد الكونت بمشاركة تول N.Toll إلى التل وأجريا العديد من الأعمال منها تفحص أكثر من 400 مدفن ( أبراج- مدافن أرضية- قبور فردية) وسبرهم، كذلك تم عمل سبر بعرض 2م وطول 25م في الجزء الجنوبي من التل، وتم العثور على قطع من اللبن وكسر فخارية ملونة مشابهة لما تم العثور عليه فوق السطح إلى جانب العديد من اللقى الأخرى، وقد تم اقتسام هذه اللقى وهي محفوظة في جامعة يال Yale ومتحف حلب والمجموعة الثالثة في متحف اللوفر، وكانت أهم نتائج السبر أن الفخار الملون الذي عثر عليه هو من نموذج فخار سامراء الذي يعود إلى العصر النحاسي الأمر الذي أكد انتشار ثقافة سامراء في موقع الباغوس.

إن نتائج الأعمال التي نشرت عام 1948 م على الرغم من أهميتها إلا أنها أغفلت المعلومات المتعلقة بالمدافن البارثية-الرومانية كذلك بالنسبة إلى اللقى التي عثر عليها، في حين كانت نتائج أعمال المسح الأثري التي قام بها بيرنار جيير B. Geyer بمشاركة مونشامبير J. Y. Monchambert ضمن الفرات الأوسط في الثمانينات من القرن العشرين الأكثر أهمية بالنسبة إلى المدافن حيث شملت أعمالهم توثيق أكثر من سبعة مدافن برجية ضمن مسافة لا تتجاوز ٦كم مع وصف بسيط لكلٍ منها، وقد سمحت هذه الأعمال التوثيقية فيما بعد بتتبع توزع المدافن وامتدادها ولا سيما بعد أن تعرض أغلبها للتخريب والاندثار. وأتت في النهاية أعمال باسكال كلاوس P. Clauss بين عامي 1998 - 2002م استكمالاً للأعمال المتعلقة بالمدافن خصوصاً البرجية، وقد اشتملت هذه الأعمال على أعمال الرفع الأثري والوصف للمدافن البرجية الظاهرة كافة وتصنيفها بحسب تسلسل زمني منطقي ومقارنتها بالأمثلة المعروفة في المنطقة مثل أبراج دورا أوربوس وتدمر.

إنّ تاريخ موقع الباغوس وفترات الاستيطان ضمنه لا يزال يعتريها الكثير من الغموض خصوصاً في ظل غياب أعمال التنقيب، فغالبية الدراسات السابقة لم تقدم أي معلومات تتعلق بمنشآته ومخططاتها سواء المدنية أم الدينية، ولا توجد أيضاً معلومات عن سكانه ومدى صلاتهم وارتباطاتهم بالمواقع المجاورة، ويبدو أن البقايا التي نالت الحظ الأوفر من الدراسة هي التي كانت بالمدافن المؤرخة بالعصر البارثي- الروماني، فمنذ أعمال دو بويسون عام 1934م تم تقسيم الموقع إلى ثلاثة قطاعات اعتماداً على وجود الأبراج الجنائزية وهي: القطاع الشمالي حيث برج أبو زمبل والقطاع الغربي حيث برج الحجل وأخيراً القطاع الجنوبي وضمنه برج شق الحمام، وضمن هذه القطاعات الثلاثة وجدت البقايا الأثرية للفترات التاريخية كافة التي أشير إليها من قبل الباحثين والمتمثلة بالعصر النيوليتي، ومدافن الألف الثاني ق.م، والمدافن المؤرخة من القرن 1ق.م حتى القرن 1م؛ وهذه المدافن الأخيرة كوّنت المادة العلمية الأساسية في البحث الأخير لباسكال كلاوس حيث استطاعت تمييز ثلاثة نماذج معتمدة بذلك على مراحل التطور وهذه النماذج هي على النحو التالي:

- النموذج الأول: البرج مع المعازب الخارجية وأمثلته مؤرخة من القرن 2ق.م حتى القرن 1م.

- النموذج الثاني: البرج مع الغرفة الجنائزية وأُرخت أمثلته بداية القرن 1م.

- النموذج الثالث: البرج مع الغرفة الجنائزية والمعازب الداخلية وأُرخت أمثلته منتصف القرن 1م.

إن هذا التصنيف الذي تم طرحه من قبل كلاوس يُعد الأول الذي تناول مدافن الباغوس، ومع أهمية المعلومات التي اشتملها إلا أنه لا يزال يحتاج إلى المزيد من البحث والتقصي كونه احتوى على بعض الإشكاليات العلمية في موضوع التأريخ خصوصاً، وأن أمثلة الأبراج الجنائزية ومراحل تطورها دُرست جيداً في تدمر ودورا أوربوس، وأن النماذج التي ضمّها تصنيف كلاوس هي نفسها سائدة في تدمر ودورا، والاختلاف مرتبط بالفترات الزمنية المقترحة لأبراج الباغوس.

مراجع للاستزادة:
 
- همام سعد، «أصول البرج الجنائزي التدمري ومراحل تطوره»، الحوليات الأثرية السورية، م49+50، المديرية العامة للآثار والمتاحف، دمشق ٢٠٠٦-٢٠٠٧، ص ص٢٩- ٣٨.

- L. S, Braidwood 1944, Description Of The Flint Artifacts Of The Baghouz Occurrence On The Euphrates, Journal Of Near Eastern Studies, University Of Chicago, Vol. 3, No. 1, Pp.54- 56.

- P Clauss, Les Tours Funéraires Du Djebel Baghoûz Dans L’histoire De La Tour Funéraire Syrienne, Syria 79, (Paris 2002), Pp. 155-194.


التصنيف : آثار كلاسيكية
المجلد: المجلد الثالث
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1050
الكل : 58492027
اليوم : 64541