logo

logo

logo

logo

logo

إيل

ايل

El -

إيل

 

اسم "إيل El" يعني في لغات المشرق العربي القديم: الإله، وقد استُعْمِل للدلالة على فكرة الألوهة عامة، ولم يُطلَق على إله محدّد. ووردَ بصيغة "إِل" في العربيّة والكنعانيّة والأوغاريتيّة والبونيّة والنبطية والآرامية القديمة، وبصيغتي: "إل" و"إيلوهيم" في العبريّة، وبصيغة "إيلو" في الأكاديّة. وذُكِر في النصوص والأساطير الأوغاريتية نحو خمسمئة مرّة بألقابه المتعدّدة، ومنها: ربُّ الأرباب، خالقُ الخلق، كبيرُ الآلهة، رئيسُ مجمعِ الآلهة، الطيّب، الحكيم، الملك أبو السنين، ذو الفؤاد، وأبو جميع الآلهة (عدا بعل). كما ذُكِر في النصوص الفينيقيّة والآراميّة؛ وفي "التوراة" أيضاً نحو مئتين وثلاثين مرّة. وهناك من يعتقد أن اسم "إيل" مشتّق من الجذر "أوّل" بمعنى الرئاسة والسيادة والسلطة والبدء: "كان قويّاً، كان في الرأس، كان الأوّل". وقد طرأ على هذا الجذر الأجوف إعلال وإبدال أدى به إلى الظهور بصيغة "إيل". ويعزّز هذا الإيمان بأولويته وقدمه ورود اسمه في أعلى قائمة الآلهة في نصوص المحفوظات الملكية (2300 ق.م) المكتشفة في موقع تل مرديخ (إيبلا) [ر].

وصِفَ مقام إيل وسكناه بأنه كان مع الآلهة على جبلهم المقدّس؛ أو عند منبع النهرين والتقاء العمقين؛ وكذلك في السماء. وكان يُستشار ويُلتمس في مختلف شؤون الحياة، ولا يتوقّف عن التدخّل في كل شاردة وواردة تهمّ سلالته وممالكه ورعاياه. ففي الأدب الأوغاريتي هو الذي منح "دانيال" ولداً يرثه بعدما كبر، كما أعطى الذريّة للملك "كيرت" بعد فقدانه لها، وسمح ببناء قصر الإله "بعل" حياءً وقسراً، كما سمح- على مضض- لابنته "عنات" بالانتقام من "أقهات"؛ لا لأنه إله ضعيف، ولكن لأنه حكيم يضع الأمور في مواضعها. وتشير بعض الأدعية الموجّهة إليه إلى أنه إله رحيم، حليم، حكيم، يغفر الخطايا، وينحاز إلى الخير، كما في الدعاء التالي:

"ساعدني يا إيل على العبور فوق جسور العناء والقلق/علّني أكتسب الرحمة بالقرب منك/ ابعث لي حلماً يبشر بالخير ودعني أره/ علّ الحلم الذي أراه يكون جيداً/علّه يكون حقيقةً، وينقلب إلى عطف ورعاية/ سأمجد عظمتك وعلاك/ وسأبالغ بالتمجيد".

وقد عُثِرَ على نُصْبَين يرجَّح أنّهما للإله "إيل"، أحدهما يظهر عليه الإله بلحية طويلة كثّة بارزة، وهو يرتدي ثوباً طويلاً ويعتمر تاجاً مقرناً. ويتسلّم في هذا المشهد القرابين المقدمة إليه، ويبارك بيده اليسرى مقدِّمها الذي يبدو أنه ملك أوغاريت. وثانيهما يبدو فيه الإله بلحيته الطويلة وثوبه الطويل أيضاً وهو يمسك مطمئناً بعنقي أسدين متأهبين ومن تحتهما مجموعة من الأيائل والأسود أيضاً.

وتكشف الوثائق والنصوص الأوغاريتية والآرامية والأكادية عن انتشار عبادة "إيل" بين الكنعانيين وسكّان بلاد ما بين النهرين وشبه الجزيرة العربية، ابتداء من الألف الثالث قبل الميلاد. وقد ذُكِرَت مئات الأسماء من الأمكنة والأشخاص والمعابد والآلهة التي تُضاف إلى اسم "إيل" تبرّكاً به؛ وتقرّباً منه؛ مثل: بابل (باب إيل)، بيتل (بيت إيل)، إسماعيل (يِسمع إيل)، عمانوئيل (إيل معنا)، حزائيل (رأى إيل)، ناتائيل (عطاء إيل)، جبرائيل (رجل إيل)، ميخائيل (شبيه إيل)، رفائيل (يشفي إيل). ومن الأسماء العربية: شُرَحْبِيل، شَرَاحيل، شَهْميل. ومن أسماء الآلهة: "إيل ركاب"، "إيل عليون"، "إيل شداي" وسوى ذلك.

أمّا المعابد التي كان يتقرّب ويتبرك بها عامة الناس من "إيل"، ويقدّمون فيها النذور والقرابين، فهي تتضمّن: دكة الإله، المذبح، فضلاً عن العمود، وبعض الغرف تحت الأرض. وكان بعضها مبنيّاً فوق المرتفعات في الهواء الطلق.

اشترك سكان المشرق العربي القدماء في عبادة الآلهة نفسها، ويأتي في مقدمتها الإله "إيل" الذي يوجد في أسماء الأعلام والأمكنة. ويُعَدّ "إيل" الإله الأب وخالق الخلق، وكان اسمه في بلاد الرافدين دالاً على الألوهية عامة، ويعني "الإله" في اللغة الأكدية. وصارت العلامة المسمارية الرمزية التي يكتب بها اسمه علامة دالة تتقدم أسماء الآلهة جميعاً. واقترنت باسمه كلٌّ من: الإلهة "أثيرة" بوصفها زوجةً له؛ وأمّاً كبرى؛ ورمزاً للخصب والعطاء. والإلهة "عنات" ابنته؛ إلهة الحبّ. والإله "بعل" رب المطر والسحاب والصواعق؛ الذي يُعَدّ أكثر الآلهة فعّاليّة في نصوص أوغاريت، وقد اتسمت علاقته به بشيء من الغموض! وقيل: إن "إيل" أذن بعبادة بعل. ويبدو أن إرث "إيل" في حُكْم الكون قد تقاسمه ثلاثة آلهة، هم: "بعل" لحكم السماء والأرض، و"موت" لحكم عالم الأموات، و"يمّ" لحكم عالم البحار والمحيطات.

كان إيل في المعتقدات الأوغاريتية يتمتع بالحلم والأناة، وكانت حكمته مصدر خير للناس جميعاً، فهو الذي يدخل الفرح أو الحزن إلى قلوب الناس، ولكن لا يغضبهم إطلاقاً. وفي الأساطير الأوغاريتية يروى عنه أنه حزن على بعل حين علم بموته، ولبس ثوب الحداد عليه، وحين علم بنبأ عودته إلى الحياة سر سروراً عظيماً. وعرف عند الأوغاريتيين بمحبته للسرور وولعه بالضحك حتى غلبت عليه طبيعة المرح، وهنا تجدر الإشارة إلى أن اسم "إسحاق"- الذي شاع في سورية - يعني حرفياً "يضحك إيل". وكثيراً ما كان إيل يوصف بالثور في نصوص أوغاريت في إشارة إلى ما كان يملك من قوى الإخصاب والعنفوان.

وقد عثر على تمثال صغير من الحجر الرملي في أوغاريت بطول 47سم، ويصور هذا التمثال إيل بلحية طويلة وهو مرتدٍ ثوباً طويلاً ويعتمر غطاء رأس مقرن وهو متربع على عرشه.

 

مراجع للاستزادة:

- ديتز أوتّو إدزارد وآخرون، قاموس الآلهة والأساطير في بلاد الرافدين وفي الحضارة السورية، ترجمة محمد وحيد خيّاطة (حلب 1987).

- M. H. POPE, El in the Ugaritic Texts, (Leiden, 1955).

- C. L’HEUREUX, Rank among the Canaanite Gods: El, Ba’al and Repha, im, (Missoula, Mo., 1979).


التصنيف : العصور التاريخية
المجلد: المجلد الثاني
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1045
الكل : 58491504
اليوم : 64018