logo

logo

logo

logo

logo

ابن جبير

ابن جبير

Ibn Djubayr - Ibn Djoubayr

ابن جبير

(539 -614هـ/1144 - 1217م)

نجدة خماش

 

أبو الحسين محمد بن أحمد بن جبير الكناني، أديب شاعر، رحالة، ولد في مدينة بلنسية، وقيل بشاطبة. نشأ في ظل دولة الموحدين، ولم يذكر المؤرخون شيئاً ذا غنا عن حياته الخاصة، ولكنهم تكلموا عن شيوخه وطلابه، ولبراعته اللغوية والأدبية فقد استدعاه الأمير الموحدي أبو سعيد عثمان بن عبد المؤمن صاحب غرناطة ليكتب له الرسائل.

رحل ابن جبير ثلاثاً من الأندلس إلى المشرق، وحج في كل واحدة منها. بدأ رحلته الأولى من غرناطة بصحبة صديقه أبي جعفر أحمد بن حسّان سنة 578هـ/1182م وانتهت عام 581هـ/1185م. أما الرحلة الثانية فامتدّت من سنة 585هـ/1189م إلى سنة 587هـ/1191م، وقرّر القيام بها لما سمع الخبر المبهج بفتح بيت المقدس على يد السلطان صلاح الدين الأيوبي، واقتصرت الرحلة على قضا مناسك الحج. أما الرحلة الثالثة فقد بدأها سنة 601هـ/1205م من سبتة؛ فرحل إلى مكة وجاور بها طويلاً، ثم جاور بيت المقدس، وأخيراً وصل إلى مصر فتجول في القاهرة، ثم استقر في الإسكندرية حيث وافته منيته.

تداول القرّا في الشرق والغرب مخطوطة رحلة ابن جبير الأولى التي عرفت باسم "تذكرة بالأخبار عن اتفاقات الأسفار" حتى قام بنشرها وطبعها وليام رايت  William Wright  الإنكليزي سنة 1852م، وراجعها بعده دي خويه  De Goeje الهولندي سنة 1907م. ورحلة ابن جبير هذه هي المهمة؛ إذ إنه تعمّق بدراسة الأوضاع الدينية والسياسية والاجتماعية لسكان الأقطار والمدن والقرى التي زارها، مما جعل رحلته مرجعاً مهماً لدارسي الجغرافيا والتاريخ والآثار، وكان يذكر التاريخ الذي زار فيه كل مدينة مرَّ  بها بطريق البر والبحر، كما يذكر ما في كل مدينة من مساجد وكنائس ومشاهد ومعابد ومزارات وبيمارستانات؛ إلى جانب الأسواق والأرباض والينابيع وأحواض المياه.

ومن أكثر الأماكن التي بالغ في وصفها مكة المكرّمة والمدينة المنورة، بيد أنه لم يهمل الإسكندرية ومنارتها؛ والقاهرة وقلعتها وسورها وقناطرها؛ ومدينة بغداد وحلب وحماة ودمشق والجامع الأموي فيها.

قدَّم ابن جبير صورة عن معالم بعض المدن السورية في عهد صلاح الدين الأيوبي، وبذلك يستطيع الدارس للآثار أن يتبين ما استمرّ من المعالم وما أضيف إلى ما وُجد في عهد السلاجقة ونور الدين زنكي (ت 569هـ).

وصل ابن جبير مدينة حلب[ر] يوم الأحد 13 ربيع الأول سنة 580هـ/24حزيران (يونيه) سنة 1184م، فامتدح قلعتها الشهيرة الامتناع؛ الشديدة الارتفاع؛ وأبراج القلعة المنتظمة وما بداخلها من المساكن السلطانية والمنازل الرفيعة الملوكية. ثم تحدّث عن أسواق حلب وقيسارياتها (الخانات) وعن جامعها الذي عدَّه من أحسن الجوامع وأجملها، وأنه لم يَرَ منبراً في بلد من البلدان على شكله وغرابة صنعته، وأنّ الترصيع بالعاج والأبنوس متصل من المنبر إلى المحراب وما يليه من جدار القبلة من دون أن يتبيّن بينهما انفصال، وذكر أن في حلب نحو أربع أو خمس مدارس ولكنه خصّ المدرسة الحنفية التي تقع بالجانب الغربي من الجامع بالوصف، كما ذكر أن لحلب مارستان وأنّ في ربض حلب من الخانات ما لا يحصى عدده.

أمّا حماة [ر] فقد تحدث عن قلعتها الشبيهة بقلعة حلب وإن كانت دونها في الحصانة، وأن حماة مكونة من مدينتين صغيرتين؛ مدينة عليا وأخرى سفلى، وسور المدينة العليا يطيف بها؛ أما المدينة السفلى فإنّ سورها يحيط بها من ثلاثة جوانب لأن جانبها المتصل بالنهر (نهر العاصي) لا يحتاج إلى سور، وعلى النهر جسر كبير معقود بصم الحجارة، يتصل من المدينة السفلى إلى ربضها، وربضها كبير فيه الخانات والديار، وأسواق المدينة العليا أجمل من أسواق المدينة السفلى، ولها جامع أكبر من الجامع الموجود في المدينة السفلى، ولها ثلاث مدارس ومارستان.

أما حمص [ر] التي وصلها ابن جبير يوم الأحد 20 ربيع الأول، أول تموز (يوليو) فإنه لم يذكر سوى أنّ أسوارها مبنية من الحجارة الصم السودا ؛ وأن أبوابها أبواب حديد تكتنفها الأبراج المشيدة الحصينة، وليس فيها سوى مدرسة واحدة.

ووصل ابن جبير إلى دمشق [ر] التي عدّها جنة الله على الأرض في الرابع والعشرين من ربيع الأول 580هـ، الخامس من تموز 1184م، وأسهب في وصف جامعها الذي بناه الوليد بن عبد الملك الخليفة الأموي (86-96هـ/705-715م) فذكر طوله من الشرق إلى الغرب وسعته وعدد أبوابه وشمسياته الزجاجية المذهبة الملونة والمقصورات الثلاث التي بالجامع والتي كان أولها مقصورة الصحابة، كما ذكر أنّ في الجامع الأموي [ر] عدة زوايا يتخذها الطلاب للنسخ والدرس، وأنّ صحن المسجد من أجمل المناظر وأحسنها ويضم ثلاث قباب إحداها في الجانب الغربي وهي أكبرها ويقال: إنها كانت مخزناً لمال الجامع، ولكن أعظم مافي هذا الجامع - بحسب ما ذكر ابن جبير- قبة الرصاص المتصلة بالمحراب.

وذكر ابن جبير أنّ الحريق أدرك الجامع مرّتين فتهدّم وجدّد، وذهب أكثر رخامه، وأنّ أسلم مافيه قبلته مع القباب الثلاث ومحرابه الذي يتقذ ذهباً.

وبعد الحديث عن الجامع عدّد ابن جبير المشاهد والآثار المعظمة في دمشق مع ذكر الأسباب التي أدّت إلى تعظيمها، وأنّ حسن دمشق كله خارج لا داخل؛ لأن سككها ضيقة مظلمة والبيوت كلها مبنية من الطين والقصب طبقات بعضها فوق بعض، وفي داخل البلد كنيسة لها عند الروم شأن عظيم تعرف بكنيسة مريم. وقال: إنه في دمشق نحو عشرين مدرسة أحسنها منظراً مدرسة نور الدين [ر] وقبره، وبها مارستانان قديم وحديث، القديم غرب الجامع والحديث أحفلهما وأكبرهما، وفي البلدة من الرباطات أعداد كثيرة وهي برسم الصوفية، وهي  قصور مزخرفة يطرد في جميعها الما . وكذلك فيها وفي أرباضها ما يقرب من مئة حمام [ر]، ونحو أربعين داراً للوضو يجري الما فيها كلها.

أما أسواق المدينة فقد عدّها من أحفل أسواق البلاد وأحسنها، وكذلك قيسارياتها المرتفعات كأنها الفنادق؛ وكلها لها أبواب حديد، ولها سوق يعرف بالسوق الكبير الذي يتصل من باب الجابية إلى باب شرقي.

لم يصل ابن جبير في رحلته هذه إلى بيت المقدس لسيطرة الصليبيين عليها، وإنما غادر دمشق إلى صور[ر] ثم عكا[ر] التي انطلق منها عائداً إلى الأندلس[ر].

مراجع للاستزادة:

 - ابن جبير، رحلة ابن جبير (الشركة العالمية للكتاب، د.ت).

 -  أحمد بن محمد المقري التلمساني، نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب (بيروت 1968).


التصنيف : آثار إسلامية
النوع : أعلام
المجلد: المجلد الأول
رقم الصفحة ضمن المجلد : 51
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1043
الكل : 58491705
اليوم : 64219