logo

logo

logo

logo

logo

الأويسية (جامع-)

اويسيه (جامع)

-

الأويسيّة (جامع -)

خالد عمر تدمري

 

يقع جامع الأويسيّة في طرابلس في لبنان في الطلعة المعروفة بسوق السمك المتفرّعة من سوق البازركان وسط طرابلس القديمة، ويتوسط المسافة بين جامع سيدي عبد الواحد المكناسي والمدرسة القادرية.

ولا يوجد في الجامع أيّ كتابة تدل على تاريخ إنشائه أو مُنشئه، بيد أنه يعود في الأساس إلى أواخر العهد المملوكيّ، وتم توسيعه وترميمه في بدايات العهد العثماني. ويقال: إنه يُنسب إلى "محيي الدين الأويسيّ" الذي بناه سنة 865هـ/1460م. ولعل "الأويسيّ" هذا كان أحد شيوخ الطريقة الأويسيّة التي انتشر أتباعها في دمشق وبعلبك وطرابلس، ولاسيّما في القرن العاشر الهجري. وهم يعتقدون "أن الوليّ إذا مات انقطع مدده، وامتنعت كرامته". وذُكر هذا الجامع في رحلة "المحاسنيّ" إلى طرابلس في سنة 1048هـ/1637م. وفي رحلة "النابلسيّ" سنة 1112هـ/1700م.

تقع الكتابة الوحيدة في الجامع فوق عتبة باب شرفة المئذنة إلى الجهة القبلية، وقد نُقشت على بلاطة من الرخام الأبيض، وتؤرّخ لتجديد المئذنة في سنة 941هـ/1534م على يد نائب طرابلس وقلعتها الأمير حيدرة في أيّام السلطان العثماني سليمان بن سليم الأول المعروف بالقانوني. والكتابة من سطرين، وكل سطر من شطرين، يُقرأ منها ما يلي:

عمّر في أيام السلطان سليمان

جعله الله في الحفظ والأمان

سنة 941

في أيام نايب القلعة وطرابلس

الفقير حيدرة حفظه الله في كل حال

وقد قامت مديريّة الآثار التابعة لوزارة الثقافة اللبنانيّة بترميم الجامع بكامله سنة 1989م.

يقع باب الجامع الخارجي في الجهة الجنوبيّة، ويُدخل منه إلى ممرّ على يمينه ثلاث درجات تؤدّي إلى باب صغير يُفضي إلى الجناح الغربي للجامع. وينتهي الممرّ إلى صحن الجامع حيث الفسحة السماويّة المستطيلة الشكل التي تغطي أرضيتها قطع من الرخام. وعلى وسط الصحن ينفتح باب الحرم الرئيسي للجامع الذي يزيّنه إطار من الزخرفة الشائعة في عصر المماليك. وعلى يمين الباب محراب صغير للمصلّى الصيفي حيث تقام الصلاة في الفسحة السماوية في فصل الصيف. وإلى جانب المحراب باب المئذنة الذي يعلوه

شبّاكان طوليّان ضيّقان يشبهان فتحات رمي السهام. وفي الزاوية الشمالية من الفسحة تقع الميضأة والمراحيض، وهي مكان مغلق منفصل عن الجامع تماماً.

والحرم الرئيسي للجامع مربّع الشكل يبلغ طول ضلعه عشرة أمتار ونصف المتر. وفي الجهة الغربية حرم أصغر يرتفع عن مستوى الحرم الرئيسي، وله محراب يخلو من الزخرفة، وهو مسجد صغير أضيف إلى الجامع، وبناه سليمان باشا العظم، وأُذِن للناس بالصلاة فيه ابتداءً من شهر شعبان سنة 1139هـ/1726م. وهكذا أُلحق المسجد بجامع الأويسيّة، وأصبح مصلّىً تابعاً لحرمه بعد إزالة الجدار الفاصل بينهما، ونُفّذت الوقفيّة بعد وفاته في 12ربيع الأوّل 1166هـ/1752م. وظل المسجد متميزّاً بأرضه المرتفعة عن مستوى أرض الجامع؛ وبسقفه ذي العقد قليل الارتفاع والمبني بحجارة صغيرة الحجم.

ويتميّز جامع الأويسيّة من مساجد طرابلس بقبّته الحجرية الكبرى التي تغطّي كامل الحرم، وتقوم على أربع حنايا نصف دائرية، وتمهّد هذه القبّة لظهور القباب العثمانية

المسقط الأفقي للجامع

 

الواسعة. ويقع محراب الجامع داخل إطار مستطيل الشكل، ويخلو من الزخرفة، غير أن عمودين صغيرين يقومان على جانبيه ترتكز عليهما قنطرة المحراب. وعلى يمينه يقوم المنبر الذي يبلغ طوله مترين ونصف المتر، وعرضه متر واحد. ويُعدّ المنبر تحفة فنيّة لما يحتويه من زخارف ونقوش تعكس الفن العثماني في بداياته، والمنبر مصنوع بالكامل من الحجر والرخام الذي تزيّنه زخارف هندسيّة منقوشة ورسومات نباتيّة ملوّنة، ويتميّز بقبّته ذات الشكل الهرمي السائدة في المنابر العثمانيّة. وفي الحرم ترتفع فوق المدخل المؤدّي إلى الفناء سدّة خشبية تمتد على عرض الجامع، ويصعد إليها بسلّم خشبيّ. والجامع مبني بأكمله بالحجارة الرملية التي كانت تغطّيها وتحميها من الداخل والخارج طبقة كلسيّة بيضاء، تمّ إزالتها في أثناء عمليّات الترميم الأخيرة، وأبقي فقط على تلك التي تغطّي القبّة من الخارج بعد تجديدها.

 

أمّا المئذنة فتقوم فوق الجدار الشمالي المطل على الفناء، وهي أسطوانيّة الشكل، مبنيّة بالحجارة الكلسية الأكثر صلابة التي لا تحتاج إلى الطلاء لحمايتها، وهي مئذنة سامقة ذات طراز عثماني. يحيط بجذعها إفريزان دائريّان كالأسورة، تقوم فوق الأعلى منهما أشرطة زخرفية متطابقة تتدرج في اتساع حتى تكوّن دائرة أكثر حجماً من ساق المئذنة لتقوم عليها الشرفة، وفي وسط الشرفة يرتفع جذع أصغر حجماً، يعلوه رأس المئذنة المخروطي الشكل.

المئذنة
النقوش الكتابية على جذع المئذنة

ويلاصق جامع الأويسيّة من الجهة الشرقيّة مسجد صغير ثانٍ بناه الأمير محمود بك السنجق، ودُفن الأمير في قبر خارج المسجد من الجهة الجنوبية (القبلية)، وعليه تاريخ وفاته سنة 1030هـ/1620م. وعرف هذا المسجد في الوثائق العثمانية (1033-1050هـ/1623-1640م) بجامع "الجديد الأويسي" المعروف بمسجد "العيراني". ويتميّز محراب المسجد باللوحة الحجرية التي تعلوه ذات النقوش الهندسية الإسلاميّة والمشبّكات النجميّة المطعّمة بالحجارة الملوّنة؛ وبتعاقب الحجارة البيضاء والسوداء في قنطرته وقبّته وبدنه. وللمسجد باب ينفتح على بلاط جامع الأويسيّة في الجهة الغربية، ويواجه هذا الباب ضريح تعلوه قبّة مضلّعة يعود إلى والي طرابلس أحمد باشا الشالق، يفصل بينهما شجرة سرو عملاقة ومعمّرة، ويحمل الضريح فوق نافذته الغربية كتابة بالعثمانيّة من سطرين تؤرّخ لوفاته في سنة 1078هـ/1676م. وفي الجهة الشمالية من الجزء التابع لجامع الأويسيّة غرفة تفضي إلى غرفة تليها كان بها ضريحٌ لأحد العبيد الأولياء، وقد أزيل منتصف القرن الماضي،

 

المحراب والمنبر

ويقال: إن دفين الضريح هو أويس القرنيّ.

تربة أحمد باشا في الزاوية الشمالية الشرقية لصحن الجامع

وعلى بعد أمتار معدودة إلى الجهة الشمالية من جامع الأويسيّة؛ يقوم بناء كنيسة تعود إلى طائفة الروم الأرثوذكس، تمّ تحويلها سنة 1224هـ/1809م إلى جزء من جامع الأويسيّة باتفاق حبّي انعقد بين أعيان طرابلس من المسلمين والنصارى، في أيام والي الشام وطرابلس كنج يوسف باشا، بحيث تنازل المسلمون عن مصبنة كانت لأحدهم في حارة النصارى فتحوّلت إلى كنيسة، تعرف اليوم بكنيسة القديس نيقولاوس للسريان. وقد أبقى المسلمون الكنيسة القريبة من الأويسيّة على حالها مهجورةً احتراماً لمشاعر إخوانهم النصارى، ولم تتبع الجامع حتى سنة 1989م في أثناء أعمال ترميمه الأخيرة، بحيث امتد حرمه لينفتح على مسجد محمود السنجق، الذي أزيل جداره الملاصق لحرم الجامع، ومنه على الكنيسة الملاصقة للجدار المقابل، وما يزال مذبح الكنيسة قائماً حتى الآن.

مراجع للاستزادة:

- عمر عبد السلام التدمري، مساجد ومدارس طرابلس الفيحاء (دار الإيمان ، طرابلس، لبنان2003).

- Robert SALIBA ,Tripoli, the Old City, (1995).


التصنيف : آثار إسلامية
المجلد: المجلد الثاني
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1014
الكل : 58506198
اليوم : 78712