logo

logo

logo

logo

logo

دمشق (الحفائر الأثرية في-)

دمشق (حفاير اثريه في)

-

دمشق (الحفائر الأثرية في )

 

يحتاج تسليط الضوء على تاريخ دمشق القديم وتوسيع حدود المعرفة به إلى مزيد من الدراسات الأثرية؛ ومن ثمّ إلى مزيد من أعمال التنقيب والبحث الأثري في هذه المدينة، ومع ندرة المساحات المناسبة لأعمال التنقيب والمسح الأثري بسبب الكثافة العمرانية داخل السور وخارجه؛ وفي الأحياء القديمة كسوق ساروجة وحي الميدان وحي القنوات فإن تطبيق استراتيجية واضحة لأعمال تنقيب منهجية أثرية غير ممكن. وينتظر الباحثون الفرص المناسبة، كأعمال الخدمات العامة ورخص الترميم والأعمال الحكومية أو الخاصة لإصلاح أعطال البنية التحتية أو تخديم المدينة؛ ليكون الحفر فرصة لا تعوض يمكن استثمارها في دراسة الطبقات الأثرية تحت المدينة؛ أو اكتشاف آثار أو معالم تضيف سطراً لتاريخ المدينة الطويل.

تنقيبات مدفن مبنى التلفزيون

من أقدم التحريات الأثرية في دمشق القديمة تلك التي جرت عام 1949م خلال ترميم أجزاء من الجامع الأموي عندما تم اكتشاف لوحة بازلتية (70×80سم) تمثل أبا الهول يعود تاريخها إلى العصر الآرامي (القرن التاسع ق.م). وخلال عام 1959م عند وضع أساسات لبناء نقابة المحامين في منطقة الحريقة (شارع معاوية) إلى الجنوب الغربي من الجامع الأموي تم الكشف عن بقايا قصر بيزنطي فيه أرضيات مهمة من الفسيفساء.

بين عامي 1965و1966م أجرى نسيب صليبي تنقيبات وتحريات أثرية مهمة في منطقة الخراب مقابل الكنيسة المريمية، واكتشف أربعة أعمدة زُيِّنت الأطراف العلوية والسفلية منها بزخارف نباتية، وعُثر على مبنى من الحجر الكلسي القاسي بقي منه نحو ستة أمتار وبارتفاع (6,54م) وسماكة وصلت إلى (85 سم)؛ فضلاً عن الكشف عن بقايا أعمدة وقواعد غير بعيدة عن قوس الخراب؛ إضافة إلى أجزاء من لوحة فسيفساء في العقار (286) والعقار (161) قيمرية في المنطقة نفسها. كما أجرت بعثة برئاسة عبد القادر الريحاوي صيف عام 1963م أسباراً أثرية في الزاوية الشمالية الغربية من صحن الجامع الأموي؛ وذلك خلال أعمال تبليط الأرضيات التي قامت بها مديرية الأوقاف. وعاودت البعثة أعمال التنقيب في صحن الجامع عام 1966م، وقد أظهرت الأعمال كسراً فخارية يعود تاريخها إلى الألفين الثالث والأول ق.م، كما أجرى قاسم طوير ونسيب صليبي أعمال تنقيب عام 1969م في منطقة القنوات جادة العقار رقم (346) أسفرت عن اكتشاف عشرة مدافن، وقد كانت ذات نموذج متماثل يتألف من دهليز مستقيم ومكشوف، له درج يؤدي إلى فتحة باب مستطيلة تقود إلى تجويف يشبه الكهف، ويتألف من فسحة في الوسط تنفتح في أضلاعها الثلاث الباقية على معازب معقودة أو مستقيمة، ويتم إغلاق المدفن بلوح حجري طويل منحوت، وقد عُثر في هذه المدافن على أوانٍ زجاجية بأحجام مختلفة؛ لبعضها فوهة قمعية تؤرخ بأواخر القرن الأول وأوائل القرن الثاني الميلادي، وهناك أوانٍ فخارية من أواخر القرن الأول الميلادي، كما عثر على مسارج من العصر البيزنطي المبكر؛ وعلى رؤوس مغازل مصنوعة من العظم وحجر الستياتيت؛ وكذلك على قطع برونزية تعود إلى القرنين الأول والثاني الميلاديين.

تنقيبات سوق الصناعة

وفي عام 1967م أجرى نسيب صليبي عدة أسبار أثرية على البرج الجنوبي الشرقي لسور دمشق؛ وذلك بعد أعمال التسوية التي قامت بها أمانة العاصمة آنذاك لتنظيم الطريق الموازي لسور دمشق في المنطقة الواقعة بين باب شرقي وباب كيسان. وكان لاكتشاف هذا البرج الأيوبي أهمية في تسليط الضوء على منظومة التحصينات العسكرية للمدينة في منطقة باب شرقي؛ إذ بلغ طول واجهة البرج المكتشف 20م، وهي تبعد عن السور من الجهة الغربية 7م، وهو برج قوي ومنيع بني مطلع القرن السابع الهجري عند قيام الملك المعظم بترميم أسوار دمشق بين باب شرقي وباب الشاغور (الباب الصغير حالياً).

في عام 1973م أجرى عبد القادر ريحاوي تحريات أثرية مهمة في مقبرة باب الصغير أسفرت عن اكتشاف شواهد قبور وترب مجهولة.

كما اكتشفت مدافن أخرى خلال تسعينيات القرن الماضي في شارع خالد بن الوليد؛ من بينها تابوت حجري، وكذلك في شارع الجامعة السورية المحاذي لمبنى المتحف الوطني؛ مما أكد امتداد مقبرة دمشق خارج الأسوار لتصل إلى مسافة بعيدة غربي المدينة خلال العصر الروماني.

واكتشف في مشفى المجتهد في دمشق خلال الفترة نفسها مدفن جماعي محفور في تربة «كونغلوميرا» يتجه من الشرق إلى الغرب، احتوى على ست معازب تحيط بالبهو في الوسط، وأغلقت القبور بألواح من الآجر. عثر في المدفن على أوانٍ زجاجية كان بينها دماعات وكسر فخارية تعود إلى العصر الروماني في القرن الأول والثاني الميلاديين.

تنقيبات سور دمشق

كما أجريت أعمال تنقيب مهمة في سوق الصاغة جنوب الجامع الأموي، وقد بدأت عام 1973م بإشراف نسيب صليبي لعدة مواسم، ثم توقفت لتستمر بين عامي 1996و1997م بإشراف بسام جاموس. كان الهدف من هذه التحريات تحديد مكان قصر الخليفة معاوية بن أبي سفيان (ت60هـ/680م) الذي ورد في بعض المصادر باسم قصر الخضراء؛ والذي يعتقد أنه توضع مكان قصر بيزنطي. وأدت الأعمال إلى الكشف عن بقايا معمارية تعود إلى العصور الإسلامية المختلفة، ومنها جدار بُني من الحجر البازلتي يُعتقد أنه جزء من القصر المذكور، كما ظهرت في الطبقة الرومانية بقايا معمارية تتألف من جدران وأرضيات بُنيت من حجارة منحوتة ومزخرفة، وربما يشكل البناء جزءاً من معبد حوريات المياه الذي يتصف بوجود حنيات في أكثر جزء قداسة من المبنى الذي يمتد تحت البيوت المجاورة، ويتطلب كشفه إزالة هذه البيوت، ويُعتقد أن البناء شُيِّد بجوار معبد «جوبيتير» الشهير.

وفي عام 2002م قامت بعثة من المديرية بالتنقيب في مبنى البيمارستان النوري خلال أعمال ترميم المبنى وصيانته، وأسفرت الأعمال عن كشف طبقة سلجوقية تمثلت بجدار ضخم ذي أساس متين عرضه 180سم في القسم الشمالي من باحة المبنى، يمتد هذا الجدار من الشرق إلى الغرب. وهذا ما قد يؤكد فرضية بعض الباحثين- ومنهم ولتسنجر وسوفاجييه- التي تقول إن أحد أسوار دمشق كان يمر من هذا المكان حيث هُدم الجدار في الفترة الزنكية وبُني البيمارستان على أنقاضه. كذلك ظهرت طبقة رومانية– بيزنطية عُثر فيها على كسر فخارية وقطعتي نقد. كما أجرت مديرية الآثار عام 2002م بعض الأسبار في عقار حمام القاضي بين سوق الحميدية وسوق مدحت باشا؛ كشفت فيها بقايا الحمام القديم.

تنقيبات السور

أدت الأعمال التي قامت بها محافظة دمشق بين عامي ٢٠٠٥و٢٠٠٧م في شارع مدحت باشا - في أثناء صيانة البنية التحتية - إلى تخريب الكثير من المنشآت التي تعود إلى العصر الروماني؛ حيث اكتشفت الكثير من البقايا المعمارية، منها: أربعة أعمدة ضخمة أمام جامع النبهان في منتصف السوق المذكور، والكثير من العناصر الأخرى كالتيجان والسواكف وأجزاء الأعمدة التي تم إظهارها ووضعها على طرف الشارع بغاية العرض. كما اكتشف جدار فيه محراب تحت مستوى الطريق في المكان الذي بنيت فيه المدرسة المحسنية الحديثة.

السبر في مدرسة عبد الناصر -مآذنة الشحم

حجارة من العصور الكلاسيكية انتشلت من سوق مدحت باشا في
أثناء تنفيذ البنية التحتية

في شهر نيسان/إبريل من عام 2005م، وخلال أعمال لإنشاء عقدة مرورية في دوار حسن الخراط (على بعد 150م) إلى الغرب من باب كيسان ظهر جدار أثري عريض مبني من الحجارة، نقبته بعثة من مديرية الآثار وتبين أنه سور صغير متقدم عن سور المدينة، ويشكل خطاً دفاعياً متقدماً عنه. كما أجرت البعثة عدة أسبار في المكان كشفت عن أجزاء من خندق المدينة، وأظهرت موقع السور الصغير وسور المدينة منه.

في العام ذاته أجرت دائرة آثار دمشق القديمة مجموعة أسبار في العقار (596) زقاق المحكمة؛ أظهرت مجموعة منشآت إسلامية مبنية بالحجارة الضخمة من دون تحديد هويتها أو وظيفتها لقلة المعطيات وامتدادها تحت الأبنية المجاورة. وأهم المكتشفات فيها العثور على كسر فخارية لأوانٍ خزفية مستوردة من الصين، مصنعة بتقنية عالية، ومزججة بالأخضر والأزرق، إضافةً إلى قطعة نقدية من وحدة السوليدوس الذهبي اكتشفت آخر موسم 2006م في طبقة من الردميات، وأمكن تأريخها بين عامي 253و272هـ/867و886 م، وهي من إصدار مدينة القسطنطينية.

وفي عام 2006م اكتُشف مدفن روماني خلف مبنى «الإذاعة والتلفزيون» حُفر في الصخر الطبيعي، وله مسقط على شكل صليب اتجاهه من الشرق إلى الغرب، ويتألف من درج هابط ومدخل وبهو يلي المدخل وثلاث حجرات وثلاثة قبور حجرية معقودة وموزعة على جوانب الحجرة الجنائزية وقبر فردي في الوسط ضمن كل حجرة، وتبين أن المدفن قد تعرض للنهب قديماً فلم يتم العثور إلا على بعض اللقى الأثرية التي يعود تاريخها إلى العصر الروماني المتأخر.

في عام 2007م تم اكتشاف بقايا تربة في سفح جبل قاسيون أول شارع هنانو قرب زاوية أبي بكر البالسي وتربته، وتتألف من غرفة صغيرة تنفذ إليها عدة درجات؛ ولها سقف مقبب. كما ظهرت أجزاء من أعمدة ضخمة وجزء من لوحة فسيفسائية صغيرة الحجم.

وبين عامي 2008و2010م أجرت مديرية الآثار أعمال تنقيب في العقار(332) عمارة جوانية بجوار الجامع الأموي من جهة الشرق، أظهرت بقايا معمارية تتمثل بجدران وأعمدة في مكانها الأصلي، وتعود جميعها إلى العصر الروماني منتصف القرن الثاني الميلادي، وذلك استناداً إلى نص منقوش على قاعدة أحد الأعمدة بالخط اليوناني، ويعدّ هذا التاريخ الأقدم بين جميع النصوص المكتشفة سابقاً والمتعلقة بمعبد جوبيتير الروماني الدمشقي. وتمثل تلك البقايا المعمارية مجتمعة جزءاً من بناءٍ داخل حرم المعبد، ولم يكن ممكناً تحديد وظيفته.

كما اكتُشفت مجموعة من المدافن الرومانية في مدينة دمشق خلال أعمال حفر قنوات الصرف الصحي وأعمال شق الطرق، منها ما اكتُشف في منطقة القنوات في أحد العقارات التاريخية حيث عُثر على أغطية لمدافن رومانية، وكذلك كتابة يونانية، كما تم الكشف عن أساسات لأبنية مملوكية.

وبين عامي 2015و2018م أجريت بعض التحريات الأثرية؛ هدفها كشف أي معالم معمارية تتعلق بالمسرح الروماني المكتشف أجزاء منه في بيت العقاد.

محمد نظير عوض

 


التصنيف : آثار إسلامية
المجلد: المجلد السابع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1050
الكل : 58492055
اليوم : 64569