logo

logo

logo

logo

logo

الدكة (مشهد-)

دكه (مشهد)

-

الدكة (مشهد -)

 

يقع مشهد الدكة (مشهد الشيخ محسن) على جبل الجوشن غربي حلب؛ قرب جب الجلبي؛ جنوبي مشهد الحسين [ر]؛ منطقة عقارية ١٠ -٤. سُمِّي بمشهد الدكة؛ لأن سيف الدولة الحمداني كانت له في هذا المكان دكة على الجبل يجلس عليها للنظر إلى حلبة السباق في الميدان أسفل الجبل.

منظر عام مع المدخل

ظهر المشهد سنة ٣٥١هـ/٩٦٢م، وكان سبب ظهوره أن سيف الدولة علي بن حمدان كان في أحد مناظره بداره التي بظاهر المدينة فادعى أنه رأى نوراً ينزل على المكان الذي فيه المشهد عدة مرات، فلما أصبح ركب بنفسه إلى ذلك المكان وحفره فوجد حجراً عليه كتابة جاء فيها: «هذا قبر المحسن بن الحسين بن علي بن أبي طالب» t؛ فشاع بين الناس ذلك، وخرجوا إلى هذا المكان وأرادوا عمارته، فقال سيف الدولة: هذا موضع قد أذن الله تعالى لي في عمارته على اسم أهل البيت.

الموقع العام

 

كان لهذا المشهد باب صغير من حجر أسود عليه قنطرة مكتوب عليها بخط كوفي كتابة عريضة تشير إلى بانيه سيف الدولة سنة ٣٥١هـ.

وفي أيام بني مرداس بُني مصنع (خزان ماء) شمالي المشهد، وقد نبش جوسلين الأول Joscelin I- كونت الرها الصليبي- الضريح سنة ٥١٧هـ/١١٢٣م ولم يجد فيه شيئاً؛ فألقى فيه النار. ثم بنى قسيم الدولة آق سنقر سنة ٥٣٢هـ/١١٣٧م قبلي المشهد مصنعاً للماء وكتب عليه اسمه، وبنى الحائط القبلي، وأوقف على المشهد الأوقاف، وعمل للضريح طوقاً وعرائش من فضة وعمل عليها غشاء. وفي أيام نور الدين محمود بن زنكي بني في صحنه صهريج وميضأة. وفي أيام الملك الظاهر غازي وقع الحائط الشمالي فأمر ببنائه، وفي أيام الملك الناصر يوسف الثاني وقع الحائط القبلي فأمر ببنائه.

المسقط الأفقي أ

 وفي الفترة الأيوبية أيضاً هدم صفي الدين طارو بن علي بن محمد النابلسي المعروف بابن الطريرة بابه الذي بناه سيف الدولة ورفعه وحسّنه، ولما مات ولي الدين أبو القاسم علي (وهو ابن أخي صفي الدين) دفنه إلى جانب المصنع. ونقض باب المصنع الذي عليه اسم قسيم الدولة وبناه وكتب عليه اسمه سنة ٦١٣هـ/١٢١٦م.

تعرض المشهد للنهب والتخريب على يد المغول سنة ٦٥٨هـ/١٢٥٩م، ولما ملك السلطان الظاهر بيبرس حلب أمر بإصلاح المشهد ورمّمه وعمل بابه وجعل فيه إماماً وقيّماً ومؤذناً. ثم رُمّم المشهد أيام السلطان عبد الحميد خان الثاني، ويدل على ذلك النص فوق المدخل. وقد أجرت له مديرية الأوقاف ترميماً سنة ٢٠١١م.

يتكون المسقط الأفقي للمشهد من درج (٧٧ درجة و١٠ بسطات) يصعد على سفح الجبل ليؤدي في الأعلى إلى ساحة تتبعها بضع درجات تؤدي إلى مدخل المشهد، يليه دهليز يوصل إلى باحة تحيط بها من الطرف الجنوبي قبلية، ومن الطرف الشمالي رواق، ومن الطرف الغربي غرفتان ومطبخ، ومن الجهة الشرقية دهليز المدخل في الوسط، وعلى طرفه الجنوبي المدفن، وعلى طرفه الشمالي درج يصعد إلى السطح، ودهليز يؤدي إلى مطبخ قديم كان متهدماً يقع في الزاوية الشمالية الشرقية من المبنى؛ تم ترميمه مع كامل البناء.

تتوسط الواجهة الخارجية الرئيسية بوابة مرتفعة تتقدمها قوس كبيرة مدببة، ويتصدرها باب تعلوه قوس مجزوءة فوقها لوحة لها أفاريز تضم نصاً باللغة العثمانية والحرف العربي يتألف من ثلاثة أسطر تعود إلى عهد السلطان عبد الحميد خان سنة ١٣١٤هـ/١٨٩٦م. وهذا النص يدل على أن المشهد رُمِّم في الفترة العثمانية، وتعلو هذه اللوحة لوحة أخرى تضم نصاً يعود إلى العصر الأيوبي. ويسقف البوابة نصف قبة حجرية ذات ثمانية حزوز محمولة على صفين من المقرنصات، والانتقال في زاويتي البوابة إلى الشكل المضلع لنصف القبة يتم بطبقتين من المقرنصات الكبيرة (مقرنص يعلوه مقرنصان في كل زاوية).

المدخل درج من الحجر البازلتي الأسود والأبيض، وفسحة تضم في أرضيتها أشكالاً مثمنة من الحجر البازلتي أيضاً، وهي تؤدي إلى بوابة تليها ردهة صغيرة تسقفها قبوة متطاولة (مهدية)، تنتهي إلى باحة مربعة الشكل تقريباً، تضم في وسطها حوض زرع متوسط المساحة.

المسقط الأفقي ب

القبلية مستطيلة الشكل كما في أغلب قبليات العصر الأيوبي، وهي مقسمة بوساطة قوسين كبيرتين مدببتين إلى ثلاثة أقسام. يتوسط القسم الأوسط محراب بسيط تتقدمه قوس مدببة؛ وتجويفه أكبر من نصف دائرة. يضم الجزء الغربي منبراً خشبياً، ويضم الجدار الشرقي من الجزء الشرقي قوساً كبيرة مدببة ربما كان ضمنها فتحة تصل بين القبلية والمدفن، أغلق قسمها السفلي ليضم مكتبة صغيرة، في حين أغلق القسم العلوي بحديد مشغول.

تنفتح القبلية على الباحة بثلاث فتحات كبيرة، ويسقف القسم الأوسط منها قبة محمولة على رقبة مثمّنة مزينة بصفٍّ من المقرنصات تدور على المحيط، ويتم الانتقال من الشكل المربع إلى الشكل المثمّن للرقبة بطبقتين من المقرنصات الكبيرة، ويسقف القسم الغربي منها قبة أيضاً من دون رقبة، والانتقال من المربع إلى الشكل الاثني عشري يتم بالمثلثين الهرميين المقلوبين. أما الجزء الشرقي منها فهو مسقوف بقبة من دون رقبة، والانتقال من الشكل المربع إلى الشكل المثمّن يتم بوساطة مثلثين هرميين كبيرين في كل زاوية، تتلاقى رؤوس المثلثات لتلغي الأضلاع.

يرتفع الرواق عن الباحة نحو٥٠ سم، وهو مستطيل مُقسَّم - بوساطة قوسين كبيرتين مدببتين تستندان إلى دعائم ضخمة - إلى ثلاثة أقسام؛ سُقِف كلٌّ منها بقبة، والانتقال من الشكل المربع إلى الشكل المثمّن يتم بأربع حنايا ركنية تتقدمها أقواس مدببة محمولة في الطرفين على ظفرين مثلثين، عدا القبة الأولى في الشرق؛ يتم الانتقال من الشكل المربع إلى المثمن بوساطة مثلثين هرميين مقلوبين في كل زاوية، ومن المثمن إلى الشكل الدائري للقبة بوساطة ثمانية أشكال معينية.

المدخل

وتتكون غرفة الضريح من قسمين مربعين تفصل بينهما قوس كبيرة ترتكز على عمودين رخاميين سماقيين من قطعة واحدة، وهما من دون قاعدة، ولكل منهما تاج مربع فوق حلقتين دائريتين. ويسقف القسم الشمالي الأول قبة صغيرة من دون رقبة، والانتقال إلى الشكل المثمن للقاعدة التي ترتكز عليها القبة يتم بأربع حنايا ركنية، ثم ثمانية مثلثات أفقية مستديرة الحافة يقوم بعضها فوق أظفار صغيرة، وينفتح هذا القسم على الباحة بباب كبير تعلوه قوس مدببة. أما القسم الجنوبي الثاني فهو أوسع من الأول وتسقفه قبة، والانتقال كما في القبة السابقة. يضم هذا القسم في وسطه- كما تذكر المراجع- ضريح الشيخ محسن، وهو محاط بسياج معدني متشابك حديث، يضم في طرفه الشمالي باباً صغيراً، وفي أعلى الإفريز بلاطات من القاشاني كتب عليها بخط بارز سورة الأعلى التي تنتهي في أوسط الضلع الجنوبية لتبدأ بعدها البسملة، ثم سورة الإنسان. أما التابوت في الداخل فهو مغطى بقماش أخضر وهو صندوق خشبي تشغل جوانبه زخارف عديدة بديعة وزخرفة على شكل محاريب تضم مشكاوات، وفي أعلاه شريط زخرفي يضم نصاً قرآنياً بالخط النسخي يعلوه نص آخر بالخط الكوفي، وعلى سطح التابوت كتبت سورة الإخلاص.

اللوحة التأريخية أعلى المدخل

على الضلع الغربية للباحة ثلاث غرف، وقد سقفت الغرفتان مما يلي الجدار الجنوبي بقبوات متقاطعة. كما قُسمت الغرفة الشمالية الثالثة- التي كانت تستعمل مطبخاً مؤخراً- إلى قسمين بوساطة قوس كبيرة مدببة ترتكز في الطرفين على عمودين كبيرين كورنثيين: القسم الأول كبير سُقِف بقبة، والانتقال من الشكل المربع إلى الدائري يتم بأربع حنايا ركنية ثم بأشكال معينية، في حين سُقِف القسم الثاني بقبوة متطاولة، وهو يضم في جداره الشمالي سلسبيلاً اكتشف حديثاً خلال عملية الترميم الأخيرة.

يقع المطبخ القديم شمال شرقي المبنى، مدخله دهليز منكسر ومسقوف بقبوة سريرية (مهدية). والمطبخ مربع مسقوف بقبوة متقاطعة حجرية في قمتها فتحة مربعة للإنارة والتهوية.

الضريح

تتألف الواجهة الجنوبية الداخلية للباحة من ثلاث أقواس كبيرة مدببة، مُلئ فراغها بمنجور خشبي وزجاج يضم ثلاثة أبواب تؤدي إلى القبلية. وفوق الدعامة في أعلى المسافة بين الفتحتين الأولى والثانية مما يلي الشرق نص يعود إلى الفترة الأيوبية جاء فيه:

«بسم الله الرحمن الرحيم أمر بعمارة هذا الموضع المبارك مولانا السلطان الملك الظاهر غياث الدنيا والدين أبو المظفر الغازي ابن يوسف خلد الله ملكه في سنة ستمئة وسبع» (٦٠٧هـ/١٢١٠م).

تضم الواجهة الشمالية الداخلية للباحة (واجهة الرواق)- بدءاً من الشرق- بئراً تعلوها قوس مدببة، تليها ثلاث أقواس مدببة كبيرة ترتكز على دعامتين كبيرتين وجدارين في الطرفين. وفي أعلى المسافة بين الدعامتين الأولى والثانية مما يلي المدخل نصٌ مكون من خمسة أسطر غير واضح يضم أسماء الأئمة الاثني عشر.

تضم الواجهة الغربية الداخلية للباحة- بدءاً من الجنوب- نافذة يليها بابان ويليهما نافذة تعلو كلاً منها قوس مجزوءة، يلي ذلك باب مستطيل يعلوه ساكف حجري كبير.

الواجهة الغربية الداخلية للباحة

تضم الواجهة الشرقية الداخلية للباحة- بدءاً من الجنوب- قوساً كبيرة مدببة تضم مدخل غرفة الضريح، يليه دهليز المدخل، تتقدمه قوس كبيرة مدببة، يليه مدخل المطبخ تعلوه قوس مدببة.

لمياء جاسر

مراجع للاستزادة:

- محمد راغب الطباخ، إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء (دار القلم، حلب 1988م).

- ابن شداد، الأعلاق الخطيرة في ذكر أمراء الشام والجزيرة (المعهد الفرنسي، ١٩٥٣م).

- محمد كامل الغزي، نهر الذهب في تاريخ مملكة حلب (حلب ١٩٩١-١٩٩٣م).

- شوقي شعث، حلب تاريخها ومعالمها التاريخية (١٩٩١م).


التصنيف : آثار إسلامية
المجلد: المجلد السابع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1045
الكل : 58491462
اليوم : 63976